مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون

كيليب إفريت ت. 1450 هجري
76

مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون

تصانيف

من مضاعفات

n ؛ موضحين بذلك أنه لا يمكن أن توجد حلول للمعادلة في حالة تلك القيمة المحددة ل

n .

في العام 1825 وجدت طريقتها أول نجاح مكتمل بفضل جوستاف لوجون دركليه وأدريان-ماري ليجاندر، وهما اثنان من علماء الرياضيات يفصلهما جيل كامل. كان ليجاندر رجلا في السبعينيات من عمره قد عاش الاضطرابات السياسية للثورة الفرنسية. وقد أدى عدم تأييده لمرشح الحكومة للمؤسسة الوطنية إلى إيقاف معاشه، وكان معدما حين قام بإسهامه في مبرهنة فيرما الأخيرة. وعلى العكس من ذلك، كان دركليه شابا طموحا مختصا في نظرية الأعداد، لم يبلغ سوى العشرين من العمر. وقد تمكن كل منهما بمفرده من إثبات عدم وجود حلول للحالة: ، لكنهما أسسا برهانيهما على التقدم الذي أحرزته صوفي جيرمان، وإليها يدينان بالفضل في النجاح.

وبعد ذلك بأربعة عشر عاما، أحرز الفرنسيون تقدما آخر. ذلك أن جابرييل لاميه قد أضاف إلى طريقة جيرمان قبل خمسة وسبعين عاما إضافات بارعة، وأثبت المبرهنة في حالة العدد الأولي . لقد أوضحت جيرمان لعلماء نظرية الأعداد كيفية إثبات المبرهنة في حالات جزء كامل من الأعداد الأولية، وكان على زملائها أن يواصلوا جهودهم لإثبات مبرهنة فيرما الأخيرة حالة تلو الأخرى.

كان عمل جيرمان في مبرهنة فيرما الأخيرة ليصبح أعظم إنجازاتها في الرياضيات، غير أن الفضل لم ينسب إليها على هذا الإنجاز في البداية. فحين كتبت جيرمان إلى جاوس، كانت لا تزال في العشرينيات من عمرها، وبالرغم من أنها كانت قد اشتهرت في باريس، فقد خشيت ألا يأخذها الرجل العظيم على محمل الجد بسبب نوعها الاجتماعي. ومن أجل أن تحمي نفسها، لجأت جيرمان إلى اسمها المستعار مجددا، ووقعت رسائلها باسم السيد لو بلو.

تتضح خشيتها من جاوس واحترامها له في إحدى رسائلها إليه؛ إذ تقول فيها: «يؤسفني أن عمق قدراتي الذهنية لا يعادل نهم شهيتي، وأنا أشعر ببعض المجازفة في إزعاج رجل بهذه البراعة دون أن يكون لي أي حق في استرعاء انتباهه سوى الإعجاب الذي يكنه له جميع قرائه بالتأكيد.» ولما كان جاوس غافلا عن هوية مراسله الحقيقية، فقد حاول أن يهون على جيرمان فأجاب: «إنني سعيد بأن علم الحساب قد وجد فيك صديقا على هذا القدر من البراعة.»

كان من الممكن أن يظل إسهام جيرمان منسوبا إلى الأبد عن طريق الخطأ إلى السيد الغامض لو بلو، لولا الإمبراطور نابليون. في العام 1806، غزا نابليون بروسيا، وكان الجيش الفرنسي يجتاح مدينة ألمانية تلو الأخرى. وقد خشيت جيرمان أن يصيب القدر الذي وقع بأرشميدس، بطلها العظيم الآخر جاوس ويأخذ حياته؛ فبعثت برسالة إلى صديقها الجنرال جوزيف-ماري بيرنيتي، الذي كان مسئولا عن القوات المتقدمة. وطلبت منه أن يضمن سلامة جاوس؛ فأولى الجنرال عالم الرياضيات الألماني عناية خاصة، وشرح له أنه يدين بحياته للآنسة جيرمان. كان جاوس ممتنا ومندهشا في الوقت نفسه؛ إذ إنه لم يسمع قط بصوفي جيرمان.

انكشفت الخدعة. وفي الرسالة التالية، أعلنت جيرمان لجاوس عن هويتها الحقيقية ببعض التردد. لم يكن جاوس غاضبا من الخداع على الإطلاق، بل أجاب رسالتها بكل سرور:

وكيف أصف لك إعجابي ودهشتي برؤية مراسلي المحترم، السيد لو بلو، يتحول إلى هذه الشخصية العظيمة التي تعد مثالا رائعا لما كنت أجد أنه أمر يصعب تصديقه. إن الاهتمام بالعلوم المجردة في العموم، ولا سيما ألغاز الأعداد، هو أمر نادر للغاية، وليس ذلك مما يدهش المرء؛ فالمفاتن الساحرة لهذا العلم الجليل لا تتجلى إلا لمن يملكون الشجاعة على الخوض فيها بعمق. وحين تنجح سيدة، وهي تلاقي بسبب جنسها، وفقا لأعرافنا وتحيزاتنا، صعوبات أكثر مما يجده الرجال بكثير في سبيل تعليم نفسها هذه الأبحاث الشائكة، في تخطي هذه العقبات وسبر أغوار الأجزاء الأكثر غموضا منها، فلا بد أنها تتحلى بأنبل سمات الشجاعة وبمواهب استثنائية وعبقرية فائقة. ما من شيء يمكن أن يثبت لي بطريقة أجمل ولا أوضح أن مفاتن هذا العلم، التي أثرت حياتي بالكثير من مواطن السرور، ليست وهمية، وليس كذلك الولع الذي شرفته به.

صفحة غير معروفة