وأصبح بلده [كريم خان] العراق [العجمى] آمنا، وساق جواد التطاول إلى مازندران وطبرستان، وشتت بلاد إستراباد التى كانت دار إمارة تلك الأسرة الجليلة، وفسخ حبل ذلك العقد من بعضه بيده الجسورة، ونثر لآلئ الجوهرة الفريدة فى بحر الملكية بيد العداوة والحقد. فاستقر بعض من ذلك اللؤلؤ الأرى فلك الخلافة فى دار السلطنة قزوين، وسمح للبعض الآخر بالإقامة فى دار العلم شيراز، واحتفظ هو لديه بحضرة بطل العالم أبى النصر محمد شاه وأبى الفتح والظفر حسين قلى خان، اللذين شبا كلاهما فى صدف واحد وكانا أولاد محمد حسن خان «1»، أحدهما فلك المنزلة وهو العم الأكبر للحضرة العلية [فتحعليشاه القاجارى] وثانيهما توءم الشهامة وهو الوالد. وكان [كريم خان] يستعين بهما فى جلائل أمور العالم، وكان يعثر على المعونة من رأيهما الرزين، وكانا جالسين فى سرير السلطنة وفى حرم مشورة الأنس. وقد توجه النواب حسين قلى خان إلى إستراباد بإذن كريم خان، ولمدة عامين كان جوادا إستعلائه سريع الحركة وخفيف العنان وسيف انتقامه راميا بالنيران، وجعل الذين خالفوا والده جميعهم طعمة للسيف الحاد، وأعلن العصيان مع كريم خان [ص 14] وأخذ ملك المدن [حسين قلى خان] محمد خان سوادكوهى بحملة واحدة من صاحب الروح. ولما كان حضرة الحق جلا وعلا [الله جل جلاله] قد أناط راحة بلاد العباد فى عالم الكون والفساد بوجود ملجأ العالم هذا، ورفع راية صاحب الدين والعدل والإنصاف هذا الملك كسرى صاحب العالم فى مضمار القضاء على يد حفظة الأرض والسماء الأطهار، ففى ليلة الخميس الثامن عشر من شهر شوال سنة ألف ومائة وخمس وثمانين هجرية زين وأنار الحضرة العلية [فتحعليشاه]، جمشيد الشوكة مدرك راية الإسكندر، ساحة الدنيا من شعاع وجود السعادة المزين، ووضعت مرضعة الدولة ثدى السعادة على فمه، وعقد مربى القدرة تميمة السلطنة والجوهرة الفريدة على ساعده المبارك، وتلا قراء أدعية عالم القداسة عبارة: وإن يكاد على جماله مع كماله من أجل صد عين الكمال والحسد. ونثر مدبرو أمر بلاط القضاء والقدر دراهم الشمس ودنانير القمر على قمة رأس الهمايون ودماغه الميمونة من أجل بعثرتها، وصار مسمى تلك الشجرة سرو حديقة الدولة وبرعم روضة السلطنة والخلافة بالاسم المبارك لجده الأمجد فتح على خان طاب ثراه. ولما مضت عدة سنوات على هذا، فقد انقضى زمن حياة النواب حسين قلى خان بسبب مؤامرة بعض الأشخاص من تركمان" يموت".
7 - بيان فتوحات ومراتب الخاقان المغفور له محمد شاه بعد موت
كريم خان الزندى على سبيل الإجمال من وضع سياق هذا الكتاب حتى استشهاد حضرته:
فى يوم الثلاثاء الثالث عشر من شهر صفر سنة ألف ومائة وثلاث وتسعين هجرية جذب كريم خان الزندى سم الممات من يد ساقى الأجل ومات، فأطلق الخاقان المغفور له محمد شاه العم الحاكم ملجأ الدين العنان من الحصن الحصين شيراز إلى ناحية إقليم دار المرز «1» وإستراباد، ووضع السعيد الموفق قدما على سرير السعادة والنجاح، وأهلك الأعداء وعمر الولايات وأصلحها.
صفحة ٤٣