نظرا للإخلاص والمودة التى كان يكنهما [فتح على خان] للأسرة الصفوية، فقد أسرع مع ألف شخص من الشجعان القاجاريين والمصارعين الجلدين من أجل طرد أفغان قندهار الذين كانوا مشغولين بمحاصرة إصفهان، ووجد الشاه سلطان حسين الصفوى محاصرا بالأفغان، فكان يقود كل يوم المعارك البطولية والحملات الشجاعة، وكان يرسل إلى الشاه فى إصفهان الغنائم والبيارق الكثيرة، وقد أشار الأمراء الذين لا عقل لهم ولا رأى، على الشاه الطيب، بأنه يجب أن يعتبر هذا الأمر من التأييدات الإلهية، وبأن يبرزوا بإعجاب بطولاته فى حضرة الشاه، وأن يجعلوه قوى القلب، راسخ القدم بالإنعامات الوافرة والخلاع الفاخرة، وقد كان هو نفسه من داخله مستعدا لحرب الأفغان، فيقومو بطرد أعداء الدين والدولة. ومن سوء التدبير- مثلما عرضوا إلى الشاه- أن الطائفة القاجارية جمع شعارهم الجلادة وأنهم أسود غابة الحرب، وأن فتح على خان أيضا يضع أقدامه ادعاء للنشاط فى ميدان الشجاعة ويرفع راية الاستعلاء فى ميدان فوضى البلاد وعندئذ يصبح موضع الإعجاب والإحسان فى مقابل هذه الخدمات والبطولات، فيصعب ضبط عنانه. وقد نالت أقاويل هؤلاء الحمقى إعجاب الشاه سلطان حسين الصفوى، الذى كان يوم الدولة الأسود وسوء حظها وغلبت على طالعه آثار الذلة والنكبة، فلم يعتن بأمر القاجاريين ولم يعتمد عليهم. ورد النائب فتح على خان على أفعالهم وأقوالهم بعدم قبولها، وصار قلبه المؤمل مجروحا، ويئس مما آل إليه أمرهم. وسلك طريقه إلى دياره. واستولى الأفغان على إصفهان، ووصل إلى هناك ما وصل، وذهب الفوج الكبير إلى طهران بإشارة أشرف الأفغانى، وجعلوا ملك الرى بسبب الظلم وعدم الحساب مثل مدينة الرى. واستقبل النواب فتح على خان الأفغان فى" إبراهيم آباد" وفى" ورامين" بالجيش المقترن بالنصر، ووقع بينهما القتال والصراع من الظهر حتى المساء، وفى المساء أسرع الجيشان إلى ثكناتهما، وفى الليلة نفسها وصل إلى النواب فتح على خان الخبر [ص 9] بأن الشاه طهماسب- الذى كان قد أرسلوه إلى الخارج قبل خضوع إصفهان من أجل إيجاد وسيلة للأمر- ذهب إلى مازندران فى سنة ألف ومائة وسبع وثلاثين باحثا عن العز والشرف فى بلدة أشرف، فحرك النواب فتح على خان لواء الهجوم من إبراهيم آباد بسبب المودة التى كانت مع الأسرة الصفوية، وعرض عليه الدخول فى خدمته، فوقع اللوم والإعراض من أمراء الشاه طهماسب بسبب عودة النواب فتح على خان، وآذوا قلب الشاه طهماسب بالوشاية والوقيعة، ونقض فتح على خان عزمه بسبب سماعه لهذا الكلام، وسلك طريقه إلى إستراباد، وسعى الأمراء بالوساوس والشكوك الكثيرة عند الشاه طهماسب بأن يتجهز بصفوفه للقتال مع القائد فتح على خان فى مدينة أشرف بمازندران، ووقعت الحرب السلطانية، وسقط قتلى بلا حصر، وتفرق الأمراء- الذين لا عقل لهم ولا رأى- كل فى زاوية، ووقع الشاه طهماسب أسيرا فى يد القائد مقبوضا عليه، ولم يبتعد فتح على خان مرة أخرى عن إظهار المحبة والإخلاص وقام بتقديم مراسم التعظيم والتكريم له، وحمل الشاه عالى الجاه إلى إستراباد، واحتشد الجيش العظيم وتوجه إلى خراسان فى ركاب الشاه طهماسب، وأدخل الأرض المقدسة إلى دائرة الخضوع، وفى تلك الأوقات حضر نادر شاه (نادر قلى) «1» عند الشاه طهماسب، واعتبر أن النواب فتح على خان مخل لشأنه وأمره، فقعد لحضرته فى كمين الإزاحة والوقيعة، ومهد لذلك مع جمع من الأمراء المتقلبين فى الرأى. وفى الرابع عشر من شهر صفر سنة ألف ومائة وتسع وثلاثين أزاح (نادر قلى) فتح على خان من بينهم. وعلى النهج الذى كان عليه حاز ترقيات عظيمة فى أقل فترة، وأخرج الأفغان من إصفهان وشيراز، والروم (العثمانيين) من نهاوند وأذربيجان، والروس من جيلان، وقاد الجيش لإخضاع بلاد الهند. ودون تفكير عن هذا وذاك العذر قتل الشاه طهماسب وأرسله إلى فتح على خان فى وادى العدم.
4 - فى بيان كيفية أحوال الخاقان ساكن الجنة محمد حسن خان:
كان للنواب فتح على خان ولدان رفيعا الجواهر، أحدهما الخاقان ساكن الجنة محمد حسن خان [ص 10] والآخر محمد حسين خان الذى ودع الدنيا الفانية فى طفولته، وكان محمد حسن خان وهو خلفه الأعظم وفيروزة فلكه الذى تحت خاتمه- يتربى ويتنشأ بعض الأوقات فى إستراباد وبعض الفترات وسط طائفة التركمان.
صفحة ٣٨