23

المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي

محقق

الدكتور عبد العزيز بن ناصر المانع

الناشر

مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

الرياض

وأقول: إن العرب إذا وصفت الرجل بالبياض، مادحة له، لم ترد اللون على الحقيقة، وإنما تكني به عن وضوح شرف الممدوح وبيانه. وقد فسر قول حسان: (الكامل) بِيضُ الوُجُوهِ كَرِيمَةٌ أَحْسَابُهُمْ ... شُمُّ الأنُوفِ من الطَّرازِ الأوَّلِ على ذلك، فكنى عن ظهور شرفهم وبيانه ببياض وجوههم. وقيل: إنه كنى في النصف الثاني عن إبائهم وحميتهم بشمم أنوفهم، ذلك لتناسب الصفتين في النصفين. وفسر بيت زهير أيضا على ذلك، وهو أشبه بكلام العرب. وقوله: (البسيط) وكُلَّما لَقِي الدَّينَارُ صاحِبَهُ ... في مِلْكِهِ افْتَرقَا من قَبْلِ يَصطْحِبا قال: قوله: افترقا من قبل يصطحبا مع قوله: وكلما لقي الدينار صاحبه صحيح المعنى على ما في ظاهر لفظه من مقارنة التناقض، وذلك أنه يمكن أن يقع التقاء من غير اصطحاب ومواصلة، لأن الصحبة مقرونة بالمواصلة؛ يقول: فإنما يلتقيان مجتازين لا مصطحبين. وأقول: إنه لم ينفصل من التناقض؛ وذلك أنه اثبت الصحبة بقوله: لقي الدينار صاحبه في ملكه، ثم قال: افترقا من قبل يصطحبا فنفى المصاحبة، فالمناقضة باقية بحالها وإنما كانت المناقضة إذا قدر اسم الفاعل الذي هو صاحبه عاملا في

1 / 29