12
أو مهدت له، وهو ليس سوى المخطط الكامل للاحتماليات المكانية-الزمانية للعمل الروائي، الذي يقدم منه تصميم المشهد الفعلي و«الديكوباج» سلسلة من الاختيارات الفنية المدروسة أو البدهية.
في مقاله «مدرسة المشاهد الصغيرة» المنشور عام 1936، أراد روجيه لينارت إطلاع العامة، ومنهم بازان - أحد قراء مجلة «إسبري» التي صدر منها المقال - على الطريقة التي كانت تصنع بها الأفلام؛ لذا «عرف المونتاج بأنه يمارس في وقت لاحق على شريط الفيلم المكشوف، بينما عرف الديكوباج بأنه يمارس في وقت سابق في عقل صانع الفيلم على الشيء المفترض تصويره سينمائيا.»
13
يشيد لينارت بصناع الأفلام الذين يسبرون العنصر الزمني في مادتهم أثناء بزوغه إزاء كل آخذ في التطور يسهم فيه هذا العنصر. إنهم «يستكشفون» الإيقاع، بدلا من فرضه، في التفاعل المتبادل بين الجزء والكل. ويثبت سلامة هذا الاكتشاف كل مشاهد يختبر ملاءمة القطع. ينظم المحرر تجربة فردية بأن يدع كل لحظة تبقى على الشاشة المدة المناسبة لها قبل أن تفسح المجال للحظة التالية. يذكرنا لينارت قائلا: «بالإنجليزية، يطلق على «الديكوباج» الاستمرارية»، وتحس الاستمرارية بوصفها الإيقاع، «التحكم الذي يمارسه العقل على المادة التي صورت أو المراد تصويرها.» هذه الفكرة الجمالية، المنبثقة منذ زمن القديس أوغسطينوس وحتى الفيلسوف هنري برجسون في القرن العشرين، تربط المادة بالذاكرة، متيحة للعقل أن يحلل العالم ليستخلص دلالته.
ولأن الاستمرارية تشغل الفراغ بين اللقطات، بالطريقة نفسها التي ينبثق بها الإيقاع من التوقفات بين النغمات الموسيقية، فإن لينارت يمضي إلى إعلان أن «جوهر السينما هو الحذف.»
14
يصنع المحررون وهم الأهمية والحضور من خلال الفراغ الذي يتخلل المادة المصورة ويحيطها. من بين كل مؤثرات السينما، يعتبر هذا هو أكثر المؤثرات «خصوصية» وتحديدا. ربما يكون الحذف عنصرا واحدا من مجموعة الأدوات الأدبية المجازية الاختيارية، لكنه «يعمل عمل حديد التسليح في بناء أي فيلم.» يتعامل المحرر مع قطع من المادة المصورة؛ وإما أن يقطعها للوصول إلى جوهرها (وهذا نموذج روبرت فلارتي)، أو - وهذا هو الأغلب - أن ينظم علاقتها بفكرة أو ظاهرة أو حدث يشي به الفراغ وسط ما يعرض، ومن حوله. وبينما كان الانطباعيون الفرنسيون في فترة السينما الصامتة ينعمون بغنى الصورة الرائقة، وبينما كان آيزنشتاين يؤكد أولوية المجاز القوي الذي يتوصل إليه بالقفزات التخيلية عبر التضادات الصارخة للصور، فإن لينارت يشير بتواضع إلى الأعمال اليومية للسينما من خلال الكناية والحذف.
اعترف لينارت لاحقا أنه «بصرف النظر عن بساطتها الواضحة، فإن مقالة «مدرسة المشاهد الصغيرة» كانت مشروعا طموحا جدا، وهو المخطط لأسلوب جمالي جديد كليا بالنسبة إلى السينما.»
15
صفحة غير معروفة