لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح
محقق
الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي
الناشر
دار النوادر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م
مكان النشر
دمشق - سوريا
تصانيف
أَمَّا بَعْدُ:
ــ
ونتائجها، وفيه رمز خفي إلى قوله ﷺ: (لا حول ولا قوة إلا باللَّه كنز من كنوز الجنة) (١)، وهذه الجملة على وزان قوله تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢] باعتبار انتفاعهم بها، وإلا فالإيضاح والإظهار عام شامل للكل مَن أراد أو لم يرد، وقصد أو لم يقصد.
وقوله: (أما بعد) قال الزّجّاج: مقام استعمال (أما بعد) هو أن يسوق المتكلم كلامًا على أسلوب فيريد أسلوبًا آخر فيقول: أما بعد، وقال بعضهم: تقدير الكلام أما الثناء على اللَّه والصلاة على النبي ﷺ فهو ما ذكر، أما بعد الثناء والصلاة فهو كذا، فيكون في المعنى لتفصيل ما أجمل، والمشهور أنه في ابتداء الكلام يكون للاستئناف، وذكر هذه الكلمة مسنون في الخطبة، وقد كان ﷺ يقول في الخطبة بعد الثناء على اللَّه بما هو أهله: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب اللَّه، وخير الهدي هدي محمد. . .) (٢)، الحديث.
واختلفوا في أول من تكلم بها فقيل داود ﵇، وقال الشيخ في (فتح الباري) (٣): أخرجه الطبراني مرفوعًا عن أبي موسى الأشعري، وقال: في إسناده ضعف، وأخرج موقوفًا عن الشعبي: أن فصل الخطاب الذي أوتي داود ﵇ كما قال اللَّه سبحانه: ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾ [ص: ٢٠] هو هذه الكلمة، وقيل: يعقوب ﵇، وقيل: أول من تكلّم بها يعرب بن قحطان، وقيل: كعب بن لؤي، وقيل: قس بن ساعدة، وقيل: سحبان بن وائل، وقد أشار إلى ذلك فيما ينسب إليه من البيت من قوله:
(١) انظر: "صحيح البخاري" (٤٢٠٥)، و"صحيح مسلم" (٢٧٠٤). (٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" (٨٦٧)، وأحمد في "مسنده" (٣/ ٣٧١)، وابن حبان في "صحيحه" (١٠). (٣) (٢/ ٤٠٤).
1 / 139