وما أجازه النحويون من عطف الإخبار على الإنشاء وعكسه مستدلين بآيات أجاب عنها البيانيون بإتفاقهما معنى، ومنها أن لا يكون بين الجملتين جامع عقلي أو وهمي أو خيالي فلا تقول زيد عالم وعمرو قائم لعدم الجامع بخلاف زيد عالم وعمرو جاهل ونعم اليأس من الخلق وبئس الطمع فيهم، وسيأتي ذلك ومنها إيهام العطف خلاف المقصود نحو:
وتظن سلمى أنني أبغي بها = بدلا أراها في الضلال تهيم
لم يعطف أراها على نظن مع أن بينهما مناسبة في المسند والمسند إليه لئلا يتوهم عطفه على أبغي فيكون من مظنونات سلمى وهو خلاف المقصود إذ المقصود أنه يظنها كذلك قال:
وصل لدى التشريك في الإعراب = وقصد رفع اللبس في الجواب
وفي اتفاق مع الاتصال = في عقل او في وهم او خيال
أقول: ذكر في هذين البيتين مقتضيات الوصل منها أن يكون للأولى محل من الإعراب كأن تكون خبرا ويقصد تشريك الثانية لها في حكم ذلك الإعراب نخو زيد قام أبوه وقعد أخوه ومنها القصد لرفع إيهام خلاف المراد من الجواب كما إذا قيل لك هل قام زيد وقلت لا وأردت أن تدعو للسائل فلابد من الوصل فتقول لا ورعاك الله إذ لو فصلت لتوهم أنه دعاء على المخاطب بعدم الرعاية ولولا هذا الإيهام لوجب الفصل لاختلافهما خبرا وإنشاء ومنها أن تتفق الجملتان في الخبرية والإنشائية مع الاتصال أي الجامع بينهما من عقل أو وهم أو خيال نحو إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم والجامع بينهما التضاد ونحو كلوا واشربوا ولا تسرفوا والجامع كذلك وهو وهمي والكلام على القوى الباطنية التي أثبتها الحكماء وبيان الجامع العقلي والوهمي والخيالي يرجع إليه في شرح الأصل لضيق هذا الشرح عن ذلك قال:
صفحة ٧٦