أقول: يحذف المفعول لإرادة العموم في أفراده نحو قد كان منك ما يؤلم أي كل أحد، ومنه {والله يدعو إلى دار السلام} أي كل أحد، ويحذف لاستهجان الذكر كقول عائشة رضي الله عنها ما رأيت منه ولا رأى مني، أي الفرج، ويحذف لرعاية الفاصلة كقوله تعالى {ما ودعك ربك وما قلى} أي وما قلاك، حذف لأن فواصل الآي على الألف، ويحذف للتفهيم أي البيان بعد الإبهام كما إذا وقع فعل المشيئة شرطا، فإن الجواب يدل عليه نحو {ولو شاء لهداكم أجمعين} أي ولو شاء هدايتكم، فإنه لما قيل لو شاء علم السامع أن هناك متعلقا للمشيئة مبهما، فإذا سمع الجواب تعين عنده، وهو أوقع في النفس من ذكره أولا، ويحذف أيضا للاختصار نحو {رب أرني أنظر إليك} أي ذاتك، ومنه بلغ المولع بالأذكار أي الدرجة العليا.قال:
وجاء للتخصيص قبل الفعل = تهمم تبرك وفصل
أقول: الأصل في المفعول التأخير عن الفعل نحو أكرم زيد عمرا، وقد يتقدم لأغراض منها التخصيص أي قصر الحكم على ما يتعلق به الفعل نحو زيدا عرفت أي لا غيره جوابا لأنك عرفت غير زيد، ومنه {إياك نعبد} أي لا غيرك، ولذا لا يقال زيدا عرفت وغيره، ولا ما زيدا عرفت ولا غيره لاقتضائه في الأول قصر المعرفة على زيد وسلبها عن غيره، والعطف ينافي ذلك، وفي الثاني سلبها عن زيد وثبوتها لغيره، والعطف ينافي ذلك.
ومنها الاهتمام به نحو: محمدا اتبعت ولذلك كان الأولى عند الجمهور تقدير العامل في بسم الله متأخيرا، فإن قيل قد ذكر مقدما في قوله تعالى {اقرأ باسم ربك} أجيب عن ذلك بأن الأهم ثم القراءة لأنها أول سورة نزلت إلى {ما لم يعلم}.
ومنها التبرك كالمثال المتقدم، فهو صالح له كسابقه، ومنها رعاية الفاصلة كقوله تعالى {ثم الجحيم صلوه}.قال:
صفحة ٦٩