للفظ الابتداء ثم الطلب = ثمت الانكار الثلاثة انسب أقول: الفاء تفريعية أي إن كان قصد المخبر بخبره إفادة المخاطب فينبغي له أن يقتصر في التركيب على قدر الحاجة فإن كان المخاطب خالي الذهن من الحكم والتردد فيه أي غير عالم بوقوع النسبة أو لا وقوعها ولا مترددا في أنها واقعة أو غير واقعة يلقى له الخبر غير مؤكد فيقول له زيد قائم مثلا ولا يزيد على ذلك لئلا يكون مكثرا عليه بلا فائدة وإن كان مترددا في الخبر طالبا له حسن الإتيان بمؤكد واحد نحو لزيد قائم، وإن كان منكرا وجب توكيده بحسب الإنكار، أي بقدره قوة وضعفا، فكلما زاد الإنكار زاد في التوكيد كقوله تعالى حكاية عن رسل عيسى إذ كذبوا في المرة الأول إنا إليكم مرسلون بإن واسمية الجملة وفي المرة الثانية ربنا يعمل إنا إليكم لمرسلون فأكد بالقسم المشار إليه بربنا يعلم، وإن واللام واسمية الجملة لمبالغة المخاطبين في الإنكار حيث قالوا: ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون، ويسمى الضرب الأول ابتدائيا والثاني طلبيا والثالث إنكاريا وهذا معنى قوله للفظ الابتداء ثم الطلب البيت، ويسمى إخراج الكلام على هذه الوجوه أي الخلو عن التوكيد في الأول والتقوية بمؤكد استحسانا في الثاني، ووجوب التوكيد بحسب الإنكار في الثالث إخراجا على مقتضى الظاهر وهو أخص مطلقا من مقتضى الحال.
قال:
واستحسن التوكيد إن لوحت له = بخبر كسائل في المنزلة
صفحة ٣٠