محبة الرسول بين الاتباع والابتداع
الناشر
رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤هـ
مكان النشر
الرياض
تصانيف
وإن كان على خلاف هوى النفس. لأن نفوسنا تدعونا إلى الهلاك، والرسول ﷺ يدعونا إلى النجاة فكان أولى بنا من أنفسنا ﷺ.
وحينما أيقن المسلمون الأولون بذلك أعزهم الله ومكن لهم في الأرض. فلما غلبت الأهواء واتبعت الشهوات صار الحال مبدلا معكوسا. ذلة وهوان بعد عزة وضياع وتفرق بعد القوة والتمكين. والسبب هو تقديم الأهواء وشهوات الأنفس عل ما يحبه الله ورسوله.
الأدلة من السنة: وقد جاءت الأحاديث لتؤكد مدلول هاتين الآيتين- أبلغ تأكيد وأوضحه ألا وهو وجوب محبة الرسول ﷺ.
فمنها ما أخرجه البخاري بسنده عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده» (١) وأخرج البخاري ومسلم بسنديهما عن أنس قال: قال النبي ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» (٢) .
فهذان الحديثان من أوضح الأدلة على وجوب محبة الرسول ﷺ لأن المؤمن لايستحق اسم الإيمان الكامل ولا يدخل في عداد الناجين حتى يكون الرسول ﷺ أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. والتعبير " بأحب " دليل صريح كل أن المحبة المطلوبة شرعا هي المحبة الراجحة، وأن الإيمان الكامل متوقف على رجحان هذه المحبة في القلب على ما سواها من محبة سائر المخلوقين.
وخص الوالد والولد بالذكر لكونهما أعز خلق الله على الإنسان، بل ربما كانا أحب إليه من نفسه، وفي هذا تأكيد على أنه يجب أن يكون الرسول ﷺ أحب إلى نفس المؤمن من كل حبيب وعزيز عليه من سائر البشر جميعا (٣) .
_________
(١) صحيح البخاري. كتاب الإيمان. باب حب الرسول ﷺ من الإيمان ١ / ١٠.
(٢) صحيح البخاري كتاب الإيمان. باب حب الرسول ﷺ من الإيمان ١ / ١٠. ومسلم. كتاب الإيمان. باب وجوب محبة الرسول ﷺ ١ / ١٠.
(٣) انظر فتح الباري، ١ / ٥٩.
1 / 45