محبة الرسول بين الاتباع والابتداع
الناشر
رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إدارة الطبع والترجمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤هـ
مكان النشر
الرياض
تصانيف
ومع وضوح هذا الأمر إلا أن أهل الأهواء والبدع من الجهمية ومن تابعهم من المتكلمين حادوا عن إثبات حب الله لعباده كصفة من صفاته سبحان وتعالى. متأولين محبته سبحانه بإرادة الإحسان، أو بإحسانه وإنعامه على عباده. كما أنهم أولوا محبة العباد لربهم بأنها محبة طاعته، أو محبة إحسانه وثوابه (١) .
وهذا التأويل- مع بطلانه- يؤدي إلى إنكار المحبة، ومتى بطلت المحبة بطلت جميع مقامات الإيمان والإحسان، وخلت الأعمال من روحها، إذ هي أصل كما عمل ديني. فإنكارهم للمحبة إنكار لحقيقة الإسلام، فإنه الاستسلام بالذل والحب والطاعة لله، فمن لا محبة في قلبه لله ورسوله فلا إيمان له ألبتة (٢) .
(هـ) محبة الرسول ﷺ: وبعد أن تكلمنا عن ورود لفظ الحب في اللغة والشرع نريد أن نخلص إلى تحديد مفهوم محبة الرسول ﷺ.
فأقول إنه لما كان الحب لغة: ميل القلب فطرة أو إدراكا ومعرفة إلى ما يوافقه ويستحسنه.
فكذلك محبة الرسول ﷺ معناها:
أن يميل قلب المسلم إلى رسول الله ﷺ ميلا يتجلى فيه إيثاره ﷺ على
_________
(١) انظر في بيان ذلك:
الكشاف عن حقائق التنزيل في وجوه التأويل. أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري. ط١. طبع دار الفكر. بيروت، ١٩٧٧، ١ / ٦٢١- ٦٢٢.
والتفسير الكبير للفخر الرازي. ط٣، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ٤ / ٢٠٥ - ٢٠٨.
(٢) انظر في الرد على هذا التأويل.
مجموع الفتاوى لابن تيمية، ٦ / ٤٧٧ وما بعدها، ١٠ / ٦٦ وما بعدها والنبوات لابن تيمية، ص ٦٦ وما بعدها.
ومدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين. لابن القيم الجوزي تحقيق. محمد حامد الفقي. طبع دار الكتاب العربي. بيروت، ١٣٩٢هـ ٣ / ١٨ وما بعدها.
1 / 37