بعض الشبهات التي يقولها بعض الناس حول الردة
لابد من سرد بعض الشبهات حول هذه المسألة، منها قول الله تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة:٢٥٦]، وهذه آية عامة، ولا يمكن لأحد أن تكرهه على الدين بنص الآية، فلا يجوز لك أن تكره أحدًا على الدخول في دين الإسلام، فالناس أحرار، فمن وجد أن دين الإسلام دين عصبية، فخرج منه إلى دين اليهود والمجوس فأنت ليس لك أن تقتله؛ لهذه الأية.
وأيضًا قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف:٢٩]، وقول الله تعالى: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ [الكافرون:٦]، فانظروا إلى هذا التأصيل الباطل الذي يوحيه الشيطان.
وقالوا: إن دلالة القرآن قطعية، وحديث (من بدل دينه فاقتلوه)، دلالته ظنية، وإذا تعارض القطع مع الظن فلا بد من تقديم القطع على الظن، وهذا في الحقيقة حق أريد به باطل.
ومن الشبه الأخرى أيضًا قالوا: إن النبي ﷺ ارتد في وقته وفي حينه أكثر من شخص ولم يقم عليهم حد الردة، وهذا فيه دلالة على أن النبي ﷺ لا يرى أن هذا حد، إذًا فهذه المسألة من عمر وأبي بكر هي مسألة اجتهاد ولي الأمر.
وهناك شبهة أخرى، حيث قالوا: إن حديث: (من بدل دينه فاقتلوه)، من رواية عكرمة عن ابن عباس، وعكرمة كذاب كما قال ابن المسيب، فهو مقدوح فيه ومجروح، وقد وهم البخاري حين رواه عن عكرمة.
وقالوا: إن الإمام مسلم رفض الرواية عن عكرمة وهذه شبهة من أقوى الشبهات؛ إذ إن مسلم بن الحجاج النيسابوري مفخرة المسلمين في رواية الحديث، وقد عضد الإمام مسلمًا في رفضه لرواية عكرمة الإمام مالك، فقد طرح رواية عكرمة، فقالوا: نحن نرد الحديث؛ إذ الحديث عندنا فيه شبهة فلا يمكن أن نأخذ به، إذًا فلا دليل على حد للردة في القرآن ولا في السنة، ونحن نعرف أن هناك أناسًا ارتدوا، وهناك أناس قتلوا فيها بسبب الردة، لكن هذا اجتهاد فقهاء، والفقهاء رجال قد يقبل اجتهادهم أو يرد.
وهكذا انقطع هذا الدين بإسقاط حد من حدود الله، وكل ذلك بسبب هذه الشبهات والتلبيسات التي تحدث، والأحناف أيضًا يقولون بذلك.
فالحاصل: أن هذه المسائل لا يمكن أن يقف أمامها صاحب دين وعبادة وزهد فقط، بل لا بد أن يكون صاحب علم، وهذا من فضل العالم على العابد، ومن فضل مجالس العلم على غيرها، وسنبين أيضًا أننا في حاجة ماسة لعلم التفسير؛ بسبب هذه المسائل التي يدخلون علينا بها.
4 / 5