158

دروس الشيخ محمد حسن عبد الغفار

تصانيف

الأكل والشرب ومفطرات الصيام كثيرة: الأكل والشرب، فإذا أكل المرء أو شرب أفطر بذلك، لقول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة:١٨٧]، أما إن كان عامدًا اختلف العلماء فيه على أقوال ثلاثة أرجحها: أن عليه أن يستغفر الله جل وعلا ويقضي يومًا. وإذا أكل أو شرب ناسيًا فلا قضاء عليه، والإمام مالك يخالف الجمهور في هذا، والجمهور يحتجون بقول النبي ﷺ: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:٢٨٦]، وفي الحديث القدسي: (قال: قد فعلت، قد فعلت)، والإمام مالك وجه الحديث بقوله: رفع عنهم الإثم ولكن يجب عليهم القضاء، واعتمد على قاعدة قعدها العلماء، وهي: كل مطلوب لا يسقط بالنسيان وإن رفع الإثم فيه، وكل منهي عنه يسقط بالنسيان ويرفع عنه الإثم. فمثلًا: النبي ﷺ نهى عن الكلام في الصلاة، ومع ذلك تكلم رجل، ففعل منهيًا عنه، فلما انتهى النبي ﷺ أخذه فعلمه أن الصلاة لا يصح فيها كلام الناس، ولم يأمره بالإعادة، فصحت الصلاة مع فعله منهيًا عنه، ورفع عنه الإثم ولم يطالب بشيء. أما في الواجبات: فإذا نسي المرء الركوع في الركعة، فلا تصح ركعته، ويرفع عنه الإثم، لقول النبي ﷺ: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، لكن لابد عليه أن يأتي بالركوع لتصح الركعة، فهذا هو الذي ارتكز عليه الإمام مالك، فقال: رفع عنه الإثم لكن عليه القضاء، ونحن نقول: هذه القاعدة تسقط أمام صريح حديث النبي ﷺ: (من أكل أو شرب ناسيًا فلا قضاء عليه فإنما أطعمه الله وسقاه)، وهذا نص صريح في محل النزاع.

15 / 13