المسائل الفقهية التي حمل النهي فيها على غير التحريم - من كتاب الطهارة إلى باب صلاة التطوع
تصانيف
الترجيح:
بعد عرض الأقوال وأدلتها ومناقشتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بكراهة الغسل في الماء الراكد.
أسباب الترجيح:
١ - أن هذا القول موافق لما جاءت به الشريعة من الأمر بالنظافة والبعد عن الأقذار.
٢ - أنه موافق للطبائع؛ فالنفس تنفر مما يستقذر.
٣ - ضعف استدلال القول الآخر، وورود المناقشة عليها.
المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم:
تبين مما سبق أن الجمهور حمل النهي على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن القرينة الصارفة هي: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.
ذلك أن النهي عن الغسل في الماء الراكد فيه إرشاد إلى مصلحة المحافظة على الماء وعدم تقذيره على الناس.
قال النووي ﵀ (^١): «قال العلماء من أصحابنا وغيرهم: يُكره الاغتسال في الماء الراكد قليلًا كان أو كثيرًا … وهذا كله على كراهة التنزيه» (^٢).
وقال ابن دقيق العيد ﵀: «أن المقصود: التنزه عن التقرب إلى الله سبحانه بالمستقذرات» (^٣).
قيل: العلة: تقذير الماء على الناس.
وقيل: لئلا يصير الماء مستعملًا، فيفسد الانتفاع به على غيره.
الحكم على القرينة:
الذي يظهر أن قرينة ورود النهي في باب الأدب والإرشاد هنا قرينة معتبرة؛ لمناسبة
(^١) هو: يحيى بن شرف بن مُرّي بن حسن الحزامي الحراني النووي الشافعي، أبو زكريا محيي الدين، وُلد بنَوى سنة ٦٣١ هـ، كان حافظًا فقيهًا زاهدًا، له تصانيف كثيرة وجليلة منها: «المنهاج»، «المجموع شرح المهذب»، «التبيان: في آداب حملة القرآن»، «شرح صحيح مسلم» وغيرها كثير، تُوفي سنة ٦٧٦ هـ. يُنظر: فوات الوفيات (٤/ ٢٦٥)، طبقات الشافعية الكبرى (٨/ ٣٩٥). (^٢) المنهاج شرح صحيح مسلم (٣/ ١٨٩). (^٣) إحكام الأحكام (١/ ٧٣).
1 / 60