المسائل الفقهية التي حمل النهي فيها على غير التحريم - من كتاب الطهارة إلى باب صلاة التطوع
تصانيف
النجاسة وينقيان المحل كالحجر، فأجزأه؛ ولذا يُحمل النهي على الكراهة (^١).
نُوقش: بأن الروْثة تزيد في نجاسة المكان والعظم لا يُنقى لملوسته، ومَن استجمر بشيء نجس أَوْرَث المحل نجاسة، فكيف يكون منقيًا؟ (^٢).
الوجه الثاني: أن العلة الواردة في الحديث تفيد الكراهة، فيُكره بالروْث؛ لما فيه من: استعمال النجس، وإفساد علف دواب الجن، ويُكره بالعظم لما فيه من إفساد زادهم، فكان النهي عن الاستنجاء به لمعنى في غيره لا في عينه، فلا يُمنع الاعتداد به (^٣).
نُوقش: أنه يُرد بقوله: (لَا تُطَهِّرَانِ)، فلكونهما لا يطهران لا يُعتد بهما، وأحاديث النهي المستفيضة تفيد التحريم (^٤).
سبب الخلاف: اختلافهم في علة النهي: هل هو لمعنى في المنهي عنه أو لأجل غيرهما؟ (^٥) فمن ذهب إلى الأول مع الثاني قال بالتحريم، ومن ذهب إلى الثاني قال بالكراهة.
الترجيح:
بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول الأول القائل بتحريم الاستنجاء بالروْث والعَظم.
أسباب الترجيح:
١ - تضافر الأدلة وقوتها وصراحتها في الدلالة على التحريم، وتأييدها بالوعيد بالبراءة من الفاعل.
٢ - أن الشريعة جاءت بمنع الإيذاء والإفساد، والاستجمار بالروْث والعَظم فيه إيذاء للجن وإفساد طعامهم وعلف دوابهم.
٣ - عدم القرينة الصارفة المعتبرة.
المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم:
(^١) يُنظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (١/ ٣٥٥)، المغني (١/ ١١٦). (^٢) يُنظر: إكمال المعلم (٢/ ٧١)، شرح العمدة، لابن تيمية -كتاب الطهارة (ص: ١٥٩). (^٣) يُنظر: بدائع الصنائع (١/ ١٨). (^٤) يُنظر: المغني (١/ ١١٧)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ٢٥٦). (^٥) يُنظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (١/ ٣٥٥)، المغني (١/ ١١٧).
1 / 137