الماهية فان الدال على الماهية اعم من ان يكون دالا بالمطابقة او بالالتزام وفصل الجنس وان لم يدل عليه بالمطابقة الا انه دال بالالتزام اجاب بان دلالة الفصل بالالتزام لا يكفى فى كونه دالا على الماهية فان المراد بالمقول فى جواب ما هو ما يكون دلالته على الماهية بالمطابقة على ان الفصل لا دلالة له بالالتزام على الماهية فان مفهوم الحساس شي ء له الحس ومفهوم الناطق شي ء له النطق وهما اعم من الحيوان والإنسان والأعم لا يدل على الاخص باحدى الدلالات وايضا لو دل الفصل على الماهية بالالتزام لاستلزم تصوره تصورها فيكون التعريف به حدا مع انهم صرحوا بخلافه واذ قد بين خطاهم نبه على منشأ غلطهم بالفرق بين نفس الجواب الذي هو الماهية وبين الواقع والداخل فيه الذي هو جزء الماهية لأنهم لم يتفطنوا له وذلك لأن سؤال السائل عن الماهية لا يكون جوابه الا بذكر جميع اجزائها المشتركة والمختصة فتمام هذا الجواب هو المقول فى جواب ما هو كالحيوان الناطق فى جواب السؤال عن ماهية الإنسان وكل جزء منه مقول وواقع فى طريق ما هو ان دل عليه بالمطابقة كمفهومى الحيوان والناطق فان كل واحد منهما مذكور بلفظ يدل عليه بالمطابقة وداخل فى جواب ما هو ان دل عليه بالتضمن كمفهومات الجسم والنامى والحساس فان كلا منها مذكور بلفظ يدل عليه تضمنا وانما انحصر جزء المقول فيهما لما سمعت فى بحث الألفاظ انه لا يجوز ان يدل على اجزاء الماهية بالالتزام كما لا يجوز ان يدل عليها بالتضمن والالتزام فقد خرج فصل الجنس عن كونه صالحا لأن يقال فى طريق ما هو والفصل والمصنف عن كونهما صالحين لأن يقالا فى جواب ما هو ثم قال المصنف ونحن يزيد بالذاتى جزء الماهية وبالعرضى الخارج عنها وحينئذ يكون قسمة الكلى مثلثة واما على راى الشيخ فى الشفاء فمثناة قال والذاتى اما جنس او فصل أقول جزء الماهية منحصر فى الجنس والفصل اى المطلقين لأنه اما ان يكون مشتركا بين الماهية وبين نوع ما من الأنواع المخالفة لها فى الحقيقة او لا يكون مشتركا فان لم يكن مشتركا كان فصلا لأنه يميز الماهية عن غيرها فى الجملة تميزا ذاتيا وان كان مشتركا فاما ان يكون تمام المشترك بينها وبين نوع ما من الأنواع المخالفة لها فى الحقيقة او لا يكون فان كان فهو الجنس لكونه صالحا لأن يقال على الماهية وعلى ما يخالفها بالنوع فى جواب ما هو وان لم يكن تمام المشترك فلا بد ان يكون بعضا من تمام المشترك لأن التقدير انه مشترك وليس تمام المشترك ومساويا لتمام المشترك والا لكان اما اعم منه او اخص او مباينا والأخيران باطلان لاستحالة وجود الكل بدون الجزء ومباينة الجزء المحمول وكذا الأول والا لكان مشتركا بين تمام المشترك ونوع اخر تحقيقا للعموم ولا يجوز ان يكون تمام المشترك بين الماهية وهذا النوع لأن المقدر خلافه بل بعضه وحينئذ يعود التقسيم فاما ان يتسلسل او ينتهى الى ما يساوى تمام المشترك فيكون فصل جنس فيكون فصلا للماهية لأن ما يميز الجنس عن جميع مغايراته يكون مميز الماهية عن بعض مغايراتها وليس يعنى بالتسلسل هاهنا ترتب اجزاء الماهية الى غير النهاية فان الترتب بين تمام المشتركات غير لازم من الدليل بل تركب الماهية من اجزاء غير متناهية المستلزم لامتناع تعقلها على ان الكلام مفروض الماهيات المعقولة وانما فسرنا الجنس والفصل فى الدعوى بالمطلقين لما لا يخفى من عدم تمام الدليل بالنسبة الى القريبين لا يقال لا نسلم انه اذا كان جزء الماهية تمام المشترك بينها وبين نوع ما مخالف يكون جنسا وسند المنع اربعة احتمالات فالأول احتمال ان يكون جزء للماهية عرضا عاما للنوع الاخر الثاني احتمال ان يكون ذاتيا للماهية جزء له غير محمول الثالث احتمال كونه جزء للماهية ونفس ماهية النوع الرابع احتمال ان يكون مشتركا بين الماهية وجزئها ففى هذه الصور لو كان تمام المشترك لم يلزم ان يكون جنسا او يقال ان اردتم بمخالفة النوع مجرد المغايرة فلا نم ان تمام المشترك بين الماهية ونوع ما مخالف جنس وانما يكون لو كان مقولا على المتباينات وان اردتم بها المباينة فلا نسلم ان بعض تمام المشترك اذا كان اعم منه واشترك بينه وبين نوع اخر وكان تمام المشترك بين الماهية وذلك النوع يلزم خلاف المقدر وانما يلزم ذلك ان لو كان ذلك النوع مباينا للماهية وهو ممنوع سلمناه لكن لا نسلم ان بعض تمام المشترك لو لم يكن تمام المشترك بين الماهية وذلك النوع بل بعضه يلزم التسلسل ولم لا يجوز ان يكون تمام المشترك بين الماهية وذلك النوع هو تمام المشترك المفروض اولا لا تمام مشترك اخر غاية ما فى الباب ان النوع الذي يكون بازاء تمام المشترك لا يكون مباينا له ولا دليل يدل على امتناعه فان الأعم يجب ان يقال يتناول فردين اما انهما متباينان فلا لأنا نقول من الابتداء جزء الماهية اما ان يكون ذاتيا لنوع ما من الأنواع المباينة لها او لا يكون فان لم يكن ذاتيا لنوع ما مباين اصلا يلزم ان يكون فصلا لأنه لا يجوز ان يكون نفس الانواع المباينة وهو ظاهر ولو كان جزء لها غير محمول لكان اما جزء لجميعها فيكون جزء لجميع الماهيات وهو محال لبساطة بعضها واما جزء لبعضها دون بعض فهو يميز الماهية فى ذاتها وجوهرها عن ذلك البعض سواء كان عارضا له ا ولم يكن ولا نعنى بالفصل الا الذاتى المميز فى الجملة وان كان ذاتيا لنوع مباين فاما ان يكون كمال الذاتى المشترك بينهما فهو جنس لكونه صالحا لان يقال فى جواب ما هو عليهما بحسب الشركة المختصة واما ان لا يكون كمال الذاتى المشترك فيكون بعضا من كمال المشترك ولا يخلو اما ان لا يكون ذاتيا لنوع ما مباين لكمال المشترك فهو فصل الجنس لما عرفت او ذاتيا فيكون ذاتيا للماهية وذلك النوع وهو مباين لها ايضا ضرورة ان مباينة الشي ء للجزء يستلزم مباينته للكل ولا جايز ان يكون تمام الذاتى المشترك بينهما لأنه خلاف المقدر بل بعضه ويعود الترديد فيه حتى يتسلسل فلا بد من الانتهاء الى ما لا يكون ذاتيا لنوع مباين وهو فصل الجنس فيكون فصلا للماهية بعيدا واندفاع السؤالات على هذا التقدير بين لا سترة فيه لا يقال لا نم انه لو لم يكن تمام الذاتى المشترك كان بعضا منه ولم لا يجوز ان يكون بعضا من تمام الذاتى المميز كجنس الفصل لأنا نقول اذا انتفى تمام الذاتى المشترك فانتفائه اما بانتفاء الاشتراك الذاتى وهو باطل لأن التقدير كونه ذاتيا لهما واما بانتفاء التمامية فيلزم البعضية بالضرورة واما جنس الفصل فهو غير معقول لأنه لو كان للفصل جنس يكون مشتركا بين الماهية ونوع ما تحقيقا للاشتراك والجنسية فان كان تمام المشترك بينهما يكون جنسا للماهية وان كان بعضا من تمام المشترك يكون فصل جنسها ولا شي ء من اجزاء الجنس بداخل فى الفصل والا لم يكن المجموع فصلا بل يكون الفصل بالحقيقة الجزء الاخر وايضا الفصل عارض للجنس فلو كان جزء من الجنس داخلا فيه لم يكن ذلك الجزء عارضا لامتناع عروض الجزء للكل فلا يكون العارض بتمامه عارضا هف وايضا لو دخل الجنس او جزء منه فى الفصل يلزم التكرار فى الحد التام وانه باطل ومما قررناه يتضح لك انه يمكن اختصار العبارة الأولى بحذف النسب وانه لو قيد النوع الذي بازاء تمام المشترك بعدم مشاركته الماهية فى تمام المشترك او بعدم وجوده فيه لاندفع السؤال الأخير والاخصر من التقريرات ان يقال الذاتى ان كان تمام المشترك بين الماهية ونوع ما مباين فهو الجنس والا فهو الفصل لاستحالة ان يكون جزء لجميع الماهيات فهو تميز الماهية عن بعضها فيكون فصلا لها ولا يكفى التميز فى الفصلية والا لكان الجنس فصلا بل لا بد معه من ان لا يكون مقولا فى جواب ما هو ثم الجنس اما قريب او بعيد لأنه ان كان الجواب عن الماهية وعن جميع مشاركاتها فى ذلك الجنس واحدا فهو قريب فيكون الجواب ذلك الجنس فقط كالحيوان بالنسبة الى الإنسان فانه جواب عن الإنسان وعن كل ما يشاركه فى الحيوانية وان كان الجواب عنها وعن جميع مشاركاتها فى ذلك الجنس متعددا فهو بعيد ويكون الجواب والذاتى يمتنع دفعه عن الماهية اى اذا تصور مع الماهية امتنع الحكم بسلبه عنها ويجب اثباته لها اى لا يمكن تصوره الا مع تصوره موصوفة به ويتقدم عليها فى الوجود الذهنى والخارجى وكذا فى العدمين لكن بالنسبة الى جزء واحد ويجب كونه معلوما عند العلم بالماهية قال الشيخ قد لا يكون معلوما على التفصيل حتى يخطر بالبال وانكره الإمام لأن العلم بالشي ء يستدعى العلم بامتيازه عن غيره وهو ضعيف لاقتضائه حصول علوم غير متناهية عند العلم بشي ء واحد
صفحة ٦٧