وقد علم كل ذي علم أنها ما تأسست التقليدات، التي لأجلها نصبت المقامات، في الحرم الشريف للمذاهب الأربعة، إلا بعناية الدول المضلة؛ لصد الناس، عن العترة المطهرة عن الأرجاس، المنزهة عن الأدناس؛ وهي من البدع المحدثة في الأديان، التي ما أنزل الله بها من سلطان.
وقد علم أولوا العلم أن هؤلاء الأئمة، الذين أضافوا إليهم المقامات، وأمروا الناس بتقليدهم، كانوا من أنصار أئمة العترة ، القائمين بما أمرهم الله تعالى لهم من المودة والنصرة، وأقوالهم وأفعالهم معلومة؛ وحاشاهم عن رفض التمسك بالثقلين، وتنكب سفينة النجاة، وترك المودة لمن أمرهم الله تعالى بمودته، وألزمهم بموالاته وطاعته، من أعلام أهل بيت نبيهم الهداة.
قال المحدث الكبير، يحيى بن أبي بكر العامري، في الرياض المستطابة: وقد ذكر ابن الجوزي وغيره أن الأئمة المتبوعين في المذاهب بايع كل واحد منهم لإمام من أئمة أهل البيت؛ بايع أبو حنيفة لإبراهيم بن عبدالله بن الحسن، وبايع مالك لأخيه محمد، وبايع الشافعي لأخيهما يحيى. انتهى المراد.
ومتابعة أبي حنيفة للإمام الأعظم زيد بن علي (ع) مشهورة.
قال السيوطي في تاريخ الخلفاء صفحة (242): وفي سنة (45) كان خروج محمد وإبراهيم ابني عبدالله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
إلى قوله: وآذى المنصور خلقا من العلماء ممن خرج معهما، أو أمر بالخروج، قتلا وضربا وغير ذلك؛ منهم: أبو حنيفة، وعبد الحميد بن جعفر، وابن عجلان.
وممن أفتى بجواز الخروج مع محمد، على المنصور، مالك بن أنس رحمه الله وقيل له: إن في أعناقنا بيعة للمنصور، فقال: إنما بايعتم مكرهين، وليس على مكره يمين.
وسيمر بك إن شاء الله تعالى في كتابنا هذا عند عروضه في محله ما تطلع عليه /20
صفحة ٢٠