وقال: واهًا لدارٍ لا مَوْتَ فيها] (^١). وقال يونسُ بنُ عُبيد: ما تَرَكَ ذِكْرُ الموتِ لنا قُرَّةَ عَينٍ؛ في أهلٍ ولا مالٍ. وقال يزيد الرَّقاشي (^٢): أمِنَ أهلُ الجنَّةِ الموتَ فطابَ لهم العيشُ وأمِنوا (^٣) الأسقامَ، فهنيئًا لهم في جوارِ اللهِ طولُ المقامِ.
عيوبُ الدُّنيا بادِيةٌ، وهي بعبرها (^٤) ومواعظِها منادِيةٌ، لكنَّ حبَّها يُعمِي ويُصِمُّ، فلا يَسْمَعُ محبُّها نداءَها، ولا يَرى كشفها للغير وإيذاءَها.
قد نادَتِ الدُّنيا على نَفْسِها … لو كانَ في العالَمِ مَن يَسْمَعُ
كَمْ واثقٍ بالعُمر أفنيتُه … وجَامعٍ بَدَّدْتُ ما يَجْمَعُ
كم قد تبدَّلَ نعيمُها بالضرِّ (^٥) والبؤسِ، كم أصبَحَ مَن هو واثقٌ يملِكُها، وأمسَى وهو منها قَنُوطٌ يؤوس. قالت بعضُ بناتِ مُلوكِ العربِ الذين نُكِبُوا: أصبحنا وما في العرب (^٦) أحدٌ إلَّا وهو يحسُدُنا ويخشانا (^٧)، وأمسينا وما في العربِ أحدٌ إلا وهو يرحمُنا، [ثم قالت:
وبينَا نَسُوسُ النَّاسَ والأَمْرُ أَمْرُنا … إذا نحنُ فيهم سُوقَةٌ ليس نُنْصَفُ (^٨)
فأفٍّ لدارٍ لا يَدُومُ نَعِيمُها … تقلَّبُ تاراتٍ بنا وتُصرّفُ] (^٩)
دخلت أمُّ جعفر (^١٠) بن يحيى البَرمكي على قوم في عيد أضحى تطلُبُ جِلْدَ كَبْشٍ تلبَسُهُ، وقالت: هجَمَ عليَّ مثلُ هذا العيدِ وعلى رأسي أربعمائةِ وصيفةٍ قائمةً، وأنا أزعمُ أن ابني جعفرًا عاقُّ لي.
كانت أختُ أحمد بن طولون صاحبِ مصرَ كثيرةَ السَّرَفِ في إنفاقِ المالِ، حتَّى
_________
(^١) ما بين حاصرتين ساقط في (ط).
(^٢) في ط: "الهاشمي" خطأ. وهو يزيد بن أَبَان الرَّقاشي، أبو عمرو البصري، القاص، الزاهد، مات قبل سنة ١٢٠ هـ.
(^٣) في آ: "وأمنوا من الأسقام".
(^٤) في ط: "وهي تغيرها" خطأ.
(^٥) لفظ "بالضرّ" لم يرد في آ، ع، ش.
(^٦) في ب، ط: "والأرض".
(^٧) لفظ "يخشانا" لم يرد في آ، ع.
(^٨) في ب: "نعرف". والسوقة: الرعية، وأوساط الناس.
(^٩) ما بين حاصرتين سقط من (ط).
(^١٠) سيدة جليلة ذات نفوذ وسلطان، كان الرشيد يشاورها مظهرًا لإِكرامها والتبرك برأيها. توفيت في الرقة. انظر أعلام النساء لكحالة ١/ ١٩٦ - ١٩٩.
1 / 71