ولكن شيئا ما تغير، أشياء ما تغيرت، كل شيء تغير، كل شيء يبدو كأنه أول مرة.
ما الذي تغير؟ بيتها؟ لا، ليس بيتها، فكل شيء في مكانه القديم.
هي؟ لا، ليست هي، كل شيء فيها في مكانه القديم، الكذب في عينيها، والخداع على شفتيها، ورداؤها القديم على جسدها؛ رداؤها الكئيب الذي تدفن تحته أنوثتها، حتى رداؤها هذا لم تغيره. ما الذي تغير؟! أنا؟ لا، لست أنا، فأنا أعرف نفسي، ما من قوة على ظهر الأرض تستطيع أن تغيرني، أنا رجل قوي ناجح، لم يمنحني أحد القوة والنجاح، ولكني انتزعتهما نزعا من بين فكي العالم، وقد كنت في يوم ما صغيرا ضعيفا فقيرا، أدميت قدمي سيرا على الأرض لألحق بالذين يركبون، وصممت على أن ألحق بهم، وقد فعلت؛ ولكن هذا لا يكفيني، أريد أن أركب وهم يلهثون ورائي حفاة، وأقدامهم دامية كما كانت قدماي. ولقد ركبت، لم أعد أسير على قدمي، ولكن هم يركبون أيضا، وأنا لا أريد لهم أن يركبوا مثلي، لا أريد أحدا مثلي؛ فإن أحدا ليس مثلي، ولا يجب أن يكون.
إنني حين أمشي يفسح لي الرجال الطريق؛ هذا شيء طبيعي، يجب ألا يمشي أمامي أحد، وإني حين أريد امرأة فإنها تركع لي وتعطيني كل ما عندها دون أن أعطيها شيئا، هذا شيء طبيعي، النساء يجب أن يعطوني دون مقابل؛ إن مثلي لا يعطي، وإذا كان لا بد من أحد يعطي وأحد يأخذ، فلماذا لا أكون أنا الذي يأخذ؟
وهذه المرأة الجالسة إلى جواري، أليست هي كبقية البشر؛ إذا أعطت لا تأخذ، وإذا أخذت لا تعطي؟
ولكنها عنيدة ذكية ! يبدو أنها مثلي، مثلي تماما، من نوعي، من فصيلتي؛ إنها لا تعطي.
ولكن لا بد أن أنتصر عليها، لا بد أن أجعلها تعطيني، لا بد!
وأنا لا أريد أن أشعر أنني آخذ منها، لا أريد أن أشعر أنني أغتصبها؛ إن الاغتصاب يذكرني بالشرف، وأنا لا أريد أن أكون شريفا، أريد منها أن تركع عند قدمي وتعطيني، بل أريد منها أن تغريني وتتوسل إلي كي أقبل عطاءها.
أنا لم أولد شريرا، كان أبي قديسا، وكانت أمي راهبة، ولكن الحياة هي التي ولدت شريرة، الحياة التي حرمتني وأنا طفل من قطرة دافئة من لبن أمي، من مليم أحمر واحد أشتري به كيسا من اللب، من سن ريشة سليم أكتب به شقائي.
هذه المرأة الغريبة الجريئة الوقحة المخادعة! ما الذي يجعلها تجلس معي في بيتها، وتشرب معي النبيذ وحدنا؟
صفحة غير معروفة