كان لا يزال يصيح، فتقدم نحو العامل وخاطبه برقة والبسمة تعلو وجهه:
- يا سيدي، هذا الطفل مسكين، يريد فقط أن يحج، ليس له أبوان يدفعان عنه المستحقات ولكن إن أردت سندفع بدلا منه ... أنا سأفعل ذلك.
كان إبراهيم وهو يتحدث هكذا، يسأل الحجاج الذين كانوا يستمعون إليه. في حين كان الطفل يمعن في وجهه وهو يبتسم. حملت ابتسامته، في طياتها، الاعتراف والريب المتلاشي تجاه حاميه، الذي تعرف عليه.
رد الحاج المتواطئ في هذه القضية، على حديث إبراهيم وهو يلتحق بدوره بالجماعة:
- أنا أضا ... سأدفع مستحقات الطفل.
لكن العامل التفت إلى الحجاج، وبنظرة ثاقبة رد عليهم:
- أبدا، هذا الشقي سوف يوضع في الحبس حيث توجد فئران كبيرة، ولن يخرج منه حتى العودة إلى بونة.