لبيك حج الفقراء

مالك بن نبي ت. 1393 هجري
89

لبيك حج الفقراء

الناشر

دار الفكر آفاق معرفة متجددة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

تصانيف

الخشونة والعنف اللذين شابا المنظر. أبكمه المشهد فظل بصره مثبتا على الرجل، وكأنه أراد أن يشاركه حزنه ويتعاطف مع آلامه، في حين كان المركب يبتعد تجاه عرض البحر ردد صوته بصدى نشيد دافئ النبرة، مصري النظم شاع في شمال إفريقية. (متى يمكنني الرجوع إليك يا رسول الله). بكى إبراهيم لآلام الحاج المسكين المطرود ولألمه، ماذا لو أنه تعرض للموقف نفسه. بكى أيضا لغناء التونسي الشجي والمحمل بالحنين الذي ظل يكرر مقطع النشيد: (متى أعود يا رسول الله). ولكن شيئا فشيئا بدا الغناء يبدد الانطباع القاسي، الذي تركه المشهد المؤثر للبدوي والذي أبقى الأجواء حزينة. كان إبراهيم على عجلة من أمره ليختلط مع باقي الحجاج الآتين من أمصار أخرى. لقد سمع منذ زمن ليس ببعيد عن أهل (جاوة) الصالحين، عن (الهنود المترفين) عن (الصينيين الغامضين)، عن (أهل بخارى الكرام)، عن (العرب الفصحاء) وعن (البدو الصاخبين). كانت رغبته تشده لرؤية كل هؤلاء الناس، على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وتنوعهم. كان المركب

1 / 91