خليفة في قفص
بين وصيف وبغا
يقول ما قالا له
كما تقول الببغا
ألجئ المستعين إلى خلع نفسه في 13 المحرم سنة 252 (4 شباط 866م)، وكانت خلافته 3 سنين و8 أشهر، وقتل بعد الخلع بالقادسية قرب سامراء، قتله بغا التركي، وأخذ رأسه فحمله إلى ابن عمه المعتز، ودفن بسر من رأى عن 30 سنة وثلاثة أشهر، ولا عقب له في الخلافة. (4-12) المعتز
ولد المعتز في 16 شهر ربيع الأول من سنة 233 (31 ت1 847 م)، أمه رومية أم ولد، اسمها قنجة، ويروى قبيحة. بويع له بالخلافة بعد خلع ابن عمه المستعين، وبعد مبايعته بالخلافة أخرج أخاه المؤيد من الجوسق، وخلع عليه خلعة الملك، ثم بلغه عنه أنه يريد الوثوب عليه فحبسه، ثم وجد بعد ذلك ميتا في حبسه. وهو أول خليفة أحدث الركوب بحلية الذهب، وكان الخلفاء قبله يركبون بالحلية الخفيفة من الفضة، وكان المعتز مستضعفا مع الأتراك، فبعثوا إليه يقولون له: اخرج إلينا. فبعث يقول: قد شربت دواء وأنا ضعيف. فهجم عليه جماعة، وجروا برجله، وضربوه بالدبابيس في يوم صائف وهم يلطمون وجهه ويقولون: اخلع نفسك. فخلعها. ثم إن الملأ أخذوه إلى الحمام بعد خلعه بخمس ليال وأدخلوه إياه، فلما اغتسل عطش فمنعوه الماء، ثم أخرج وهو أول ميت عطشا، فسقوه ماء بثلج فشربه وسقط ميتا ، وذلك في شهر شعبان في سامراء، فدفن فيها في موضع يقال له السميذع عن 23 سنة. وكانت مدة خلافته 4 سنين و6 أشهر و14 يوما. (4-13) المهتدي
قام على سرير الخلافة يوم خلع ابن عمه المعتز بالله، وكانت ولادته في سنة 218 (833م). أمه أم ولد يقال لها قرب، ويروى: وردة. قال المهتدي عن نفسه: «ما زلت أقول القرآن مخلوق، صدرا من خلافة الواثق، حتى أقدم علينا أحمد بن أبي دواد شيخا من أهل أذنة، فرجعت عن هذه المقالة.» وكان المهتدي ورعا متعبدا عادلا قويا في أمر الله، بطلا شجاعا، لكنه لم يجد ناصرا ولا معينا، ووجد له سفط فيه جبة صوف وكساء، كان يلبسه بالليل ويصلي فيه، وكان قد اطرح الملاهي وحرم الغناء، وحسم أطماع أصحاب السلطان عن الظلم، وأمر أن يحد شارب الخمر كائنا من كان. وكان شديد الإشراف على أمر الدواوين، يجلس بنفسه ويجلس الكتاب بين يديه فيعملون الحساب. وكان الأتراك قد اتفقوا على خلعه لما كان نهاهم عن جميع المنكرات التي اعتادوها، فحاربوه، فقاتل عن المهتدي المغاربة والفراغنة والأشروسنية، وقتل من الأتراك في يوم واحد أربعة آلاف. ودام القتال إلى أن هزم جيش الخليفة، وأمسك هو فعصر على أنثييه فمات. وذلك في رجب سنة 256، ودفن بدار محمد بن خاقان بسر من رأى إلى جانب المعتز. فكانت خلافته 11 شهرا و17 يوما، وعمره 37 سنة و4 أشهر و10 أيام. وكان لما قامت الأتراك عليه ثار العوام وكتبوا رقاعا وألقوها في المساجد، ومن جملة ما فيها:
يا معشر المسلمين، ادعوا الله لخليفتكم العادل المضاهي لعمر بن عبد العزيز أن ينصره الله على عدوه. (4-14) المعتمد
ثم قام بالأمر بعده ابن عمه: أحمد المعتمد على الله بن المتوكل. ولد سنة 229 (843م)، أمه أم ولد يقال لها فنان، ويروى: قينان، رومية. وبويع له بالخلافة يوم قتل ابن عمه المهتدي بسر من رأى، وكان له اسم الخلافة، ولأخيه الموفق ابن المتوكل تدبير الملك. ولما مات الموفق قام بتدبير شئون الملك بعده ابنه أحمد المعتضد بن الموفق، وغلب على عمه المعتمد كما كان أبوه غالبا عليه ، وكان المعتمد يطلب الشيء اليسير فلا يناله، ولم يكن له سوى الاسم. وكان منهمكا في اللهو واللذات، يسكر ويعض يده. توفي يوم الاثنين 15 رجب 279 (12 ت1 سنة 892م) فجأة ببغداد، وحمل إلى سامراء ودفن بها. ومدة خلافته 23 سنة و6 أيام، وعمره 50 سنة. (4-15) المعتضد
المعتضد بالله: هو ابن الموفق بن المتوكل. ولد في سر من رأى في ذي القعدة سنة 242/كانون الثاني 857م. أمه أم ولد اسمها خفير، وقيل: صواب، وقيل: حرز، وقيل: ضرار، وقيل: ضفير، لم تدرك خلافته. بويع له بالخلافة يوم الاثنين 12 رجب سنة 279 (9 ت1 سنة 892). وكان ذا رأي وحزم وشجاعة، وعدل في الرعية، حتى إنه تقدم إلى كافة أصحابه وخواصه أن يلزموا الطريقة المثلى، وأمرهم بأخذ أصحابهم بمثل ذلك، وقرر أنه من تعدى الواجب وأفسد وتناول أحدا من الرعية بأذى، كان هو المؤاخذ بذلك المقابل عليه دون الجاني، وشاع ذلك في الأجناد، وانكفوا وسلكوا أحسن مسلك، وحج وغزا. وفضائله كثيرة، وآثاره عظيمة، وهو أول من سكن دار الخلافة ببغداد وانتقل من سامراء. وكنا قد سبقنا فقلنا إن المعتصم هو الذي كان قد انتقل إليها من بغداد، وكل من جاء بعده - أي الواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، والمعتز، والمهتدي، والمعتمد - سكنوا جميعا سامراء. وكان سبب رجوع المعتضد إلى بغداد أن قصر الحسن بن سهل انتقل إلى بوران ابنته وزوجة المأمون، فاستنزلها المعتضد عنه، فرممته وفرشته بأجل الفرش، وملأت خزائنه بما يخدم به الخلفاء، وربت فيه الجواري والخدم وما تدعو إليه الحاجة، ثم انتقلت عنه وراسلته بالانتقال فانتقل، ووجد فيه ما استحسنه واستكثره، ثم إنه أضاف إلى القصر ما جاوره ليوسع الدار بذلك، وعمل عليه سورا. وكان المعتضد يسمى السفاح الثاني؛ لأنه جدد ملك بني العباس، لكنه كان كثير إتيان النساء، ومات من الإفراط فيهن، وذلك نهار الاثنين 22 ربيع الآخر سنة 289ه (7 نيسان سنة 902) في قصره المعروف بالحسني في بغداد، ودفن ليلا في دار محمد بن طاهر في الجانب الغربي من الدار المعروفة بدار الرخام، وكانت مدة خلافته 6 سنين و6 أشهر و20 يوما. وكان من آثاره الحسنة القصر المعروف بالتاج ، أو الحسني، المشرف على دجلة بدار الخلافة (في بغداد)، وما وراءه من القباب والمجلس. (4-16) المكتفي
صفحة غير معروفة