خصائص النظم في «خصائص العربية» لابن جني
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
وقول معفر بن حمار البارقي:
أجد الركب بعد غد خفوف ... وأمست من لبانتك الألوف
وقول الله ﷿ "ألهاكم التكاثر".
إلى أن قال: والأمر في كثرة تقديم المفعول على الفاعل في القرآن، وفصيح الكلام متعالم غير مستنكر؛ فلما كثر وشاع تقديم المفعول على الفاعل كان الموضع له؛ حتى إنه إذا أخر، فموضعه التقديم، فعلى ذلك كأنه قال: (جزى عدى بن حاتم ربه) ثم قدم الفاعل على أنه قد قدره مقدمًا عليه مفعوله فجاز ذلك.
ثم قال: ولا تستنكر هذا الذي صورته لك، ولا يخف عليك؛ فإنه مما تقبله هذه اللغة، ولا تعافه، ولا تتبشعه (١).
ومما ذكره ابن جنى يتضح لك أن عامة النحويين لا يجيزون عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبه في مثل قولهم (ضرب غلامه زيدًا) ولكن قول ابن جنى: "وأما أنا فأجيز" بعد قوله: "وأجمعوا على أنه لا يجوز"، يفيد أنه هو الذي خالف في تلك المسألة من بين النحويين، مع أن من المتأخرين من يذكر الأخفش وابن جنى (٢).
كما يفهم من قوله - أيضًا - أن السر في جواز: "ضرب غلامه زيدًا" عنده إنما هو كثرة تقديمهم المفعول على الفاعل؛ فصار الموضع له، فكأنه قد قدم وكأنه قد قال: (ضرب زيدًا غلامه)؛ وهذا شبيه بباب: "غلبة الفروع على الأصول"؛ الذي عقده لجعل المشبه به مشبهًا، والمشبه مشبهًا به.
وسوف نتعرض له، في التشبيه المقلوب - إن شاء الله تعالى -
_________
(١) الخصائص ١/ ٢٩٧
(٢) حاشية الدسوقي (شروح التلخيص) ١/ ٩٧
1 / 38