خصائص النظم في «خصائص العربية» لابن جني
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
وأما قول النابغة:
جزى ربه عني عدى بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
فقد قالوا فيه: إن الهاء عائدة على مذكور متقدم، وكل ذلك لئلا يتقدم ضمير المفعول عليه مضافًا إلى الفاعل، فيكون مقدمًا عليه لفظًا ومعنى؛ يقول ابن جنى "وأما أنا فأجيز أن تكون الهاء في قوله:
جزى ربه عنى عدى بن حاتم ... عائدة على (عدى) خلافًا على الجماعة
وهنا يقدر ابن جنى أن قائلًا قال: ألا تعلم أن الفاعل رتبته التقدم، والمفعول رتبته التأخر، فقد وقع كل منهما الموقع الذي هو أولى به، فليس لك أن تعتقد في الفاعل - وقد وقع مقدمًا - أن موضعه التأخير، وإنما المأخوذ به في ذلك: أن يعتقد، في الفاعل إذا وقع مؤخرًا، أن موضعه التقديم، فإذا وقع مقدمًا، فقد أخذ مأخذه، ورست به قدمه، وإذا كان كذلك، فقد وقع المضمر قبل مظهره لفظًا ومعنى، وهذا ما لا يجوزه القياس".
ويجيب ابن جنى بأنه قد شاع عنهم واطرد من مذاهبهم كثرة تقدم المفعول على الفاعل حتى دعا ذاك أبا علي إلى أن قال: إن تقدم المفعول على الفاعل قسم قائم برأسه، كما أن تقدم الفاعل قسم - أيضًا - قائم برأسه" وإن كان تقديم الفاعل أكثر، وقد جاء به الاستعمال مجيئًا واسعًا، نحو قول الله ﷿: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" وقول ذي الرمة:
أستحدث الركب من أشياعهم خبرًا ... أم عاود القلب من أطرابه طرب
1 / 37