صورة تذكارية من أيام الصبا للعلامة المحقق المغفور له أحمد تيمور باشا وأنجاله إسماعيل ومحمد ومحمود.
وكذلك كان شأنه في منصب رياسة الديوان الخديوي في عهد إسماعيل؛ إذ وقف كل جهده في القصر على التلطف لكبح جوامح الرغبات الخديوية الاستبدادية، ومحاولة وضع حد لمغامرات الخديو المالية، وتبصيره بحاجات الشعب الحقيقية. وفي الوقت ذاته، نأى بجانبه عن دسائس القصر، ومخالطة الأمراء ورجال الحاشية، ومن إليهم من النفعيين والانتهازيين المتزلفين، وآثر على صحبتهم صحبة الكتب التي أولع باقتنائها، وكانت له في داره نعم الجليس الأنيس. •••
ولم يكن عجبا أن ينشأ أحمد تيمور وشقيقته عائشة على مثل هذا الخلق المتأصل في نفس والدهما إسماعيل تيمور، فكان تحصيل العلم والمعرفة والانتفاع والنفع بهما غايتهما الكبرى.
وسجل التاريخ لعائشة التيمورية ما سجل من مآثر ومفاخر، ليس أكبرها أن نثرها وشعرها أول ما عرفت مصر من الأدب النسوي في العصر الحديث.
أما أحمد تيمور فكان له دور أكبر وأخطر، وأجدر بأن يكون مثلا وقدوة لكل طموح إلى معالي الأمور عازف عن لغو الحياة وملهياتها المختلفات.
فقد نشأ في بيت والده، وعنه أخذ حب الحق والخير والعلم والأدب، ثم انتقل بعد وفاة والده إلى دار شقيقته، وكان زوجها المرحوم «محمد توفيق بك» من المحبين للعلم والمعرفة، وعنده من الكتب شيء كثير في مختلف العلوم والفنون، فانطبع حب اقتناء الكتب في نفس «أحمد تيمور» منذ ذلك الحين.
ولما بلغ أشده واستوى، وأسند إليه منصب في الحكومة، ما لبث قليلا حتى عاف ذلك العمل الرتيب الممل، فتركه غير آسف إلى الإشراف بنفسه على الأرض التي أورثها له أبوه، وإلى استكمال تعليمه، وإتقان اللغة العربية فضلا عن الفرنسية والتركية.
واختار لنفسه أساتذته فأحسن الاختيار، وحسبك أن من بينهم: الشيخ رضوان المخللاتي، والشيخ حسن الطويل، والشيخ الشنقيطي، والشيخ محمد عبده.
وكانوا له أساتذة وأصدقاء، وكانت داره ناديا جامعا نافعا، يلقون فيه المحاضرات والدروس، ويعقدون مجالس للبحث والمناقشة وتبادل الآراء والأفكار. وفي هذه الدار، ألقى الإمام محمد عبده محاضراته المشهورة عن الإسلام، بدعوة من أحمد تيمور.
وما أكثر الندوات التي عقدت بالدار، وشهدها واشترك فيها مشاهير العلماء والأدباء، أمثال: البارودي، وصبري، والحسيني، والزرقاني، والسمالوطي، والهوريني!
صفحة غير معروفة