بيد أن الغلو مصطلح له معناه وأبعاده وخلفياته عبر التاريخ، ولا بد من ضبطه بدقة أولا ليعرف الداخل فيه والخارج عنه، لئلا يرمى البريء.
* * * لقد دأب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة فترة حياته الشريفة - قبل البعثة وبعدها - على إبراز فضائل علي وفاطمة وذريتهما، وكان يجيب إذا سئل عن ذلك، ويبتدأ إذا لم يسئل، حتى جعل ذكرهم عبادة، وأكد على أنها لا ولن تنتهي على كر العصور والدهور، وخص كل واحد منهم بالذكر، وهو ينادي المرة تلو الأخرى أن ما يقوله إنما هو عن الله، والله يقول: (لا ينطق عن الهوى).
وبالرغم من ذلك فقد تنكرت الأمة له ولذريته، فاضطهدوهم، وقهروهم، وقتلوهم، ولاحقوهم، «فخالفوا أمره، وأنكروا وحيه، وجحدوا إنعامه، وعصوا رسول الله، وقلبوا دينه، وحرفوا كتابه، وعطلوا أحكامه، وأبطلوا فرائضه، وألحدوا في آياته، وعادوا أولياءه، ووالوا أعداءه، وخربوا بلاده، وأفسدوا عباده، وأخربوا بيت النبوة، وردموا بابه، ونقضوا سقفه، وألحقوا سماءه بأرضه، وعاليه بسافله، وظاهره بباطنه، واستأصلوا أهله، وأبادوا أنصاره، وقتلوا أطفاله، وأخلوا منبره من وصيه ووارث علمه، وجحدوا إمامته».
وكم «من منكر أتوه، وحق أخفوه، ومنبر علوه، ومؤمن أرجوه، ومنافق ولوه، وولي آذوه، وطريد آووه، وصادق طردوه، وكافر نصروه، وإمام قهروه، وفرض غيروه، وأثر أنكروه، وشر آثروه، ودم أراقوه، وخبر بدلوه، وحكم قلبوه، وكفر أبدعوه، وكذب دلسوه، وإرث غصبوه، وفيء اقتطعوه، وسحت أكلوه، وخمس استحلوه، وباطل أسسوه، وجور بسطوه، وظلم نشروه، ووعد
صفحة ٨