الثالث: إنا لو سلمنا صحة الرواية المذكورة، لم يكن فيها دلالة على أن أرض العراق فتحت عنوة بغير إذن إمام عليه السلام فقد سمعنا: أن عمر استشار أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك. ومما يدل عليه: فعل عمار، فإنه من خلصاء أمير المؤمنين عليه السلام ولولا أمره لما ساغ له الدخول في أمرها.
ومما يقطع مادة النزاع، ويدفع السؤال. ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد الحلبي قال:
" سئل أبو عبد الله عليه السلام عن السواد ما منزلته؟ فقال: هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم ولمن يخلق بعد، فقلنا:
الشراء من الدهاقين؟ قال: لا يصلح إلا أن يشتري منهم على أن يصيرها للمسلمين " (1) الحديث.
وروى أيضا عن عبد الرحمان بن الحجاج قال:
" سألت أبا عبد الله عليه السلام عما اختلف فيه ابن أبي ليلى وابن شبرمة في السواد وأرضه، فقلت إن ابن أبي ليلى قال: إنهم إذا أسلموا أحرار، ما في أيديهم من أرضهم لهم. وأما ابن شبرمة فزعم أنهم عبيد وأن أرضهم التي بأيديهم ليست لهم. فقال: - عليه السلام في الأرض ما قال ابن شبرمة، وقال: في الرجال ما قال ابن أبي ليلى أنهم إذا أسلموا فهم أحرار (2).
وهذا قاطع في الدلالة على ما قلناه، لا سيما وفتوى الأصحاب وتصريحهم موافق لذلك، فلا مجال للتردد.
وأما أرض الشام، فقد ذكر كونها مفتوحة عنوة بعض الأصحاب. وممن ذكر ذلك " العلامة " في كتاب " إحياء الموات " من " التذكرة "، لكن لم يذكر أحد حدودها.
صفحة ٦٨