كتابة الحديث في عهد النبي ﷺ وصحابته وأثرها في حفظ السنة النبوية
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالمدينة المنورة
تصانيف
المبحث الخامس: كتابة الصحابة بعضهم إلى بعض أو عن بعض
فقد كان لقدوته ﷺ آثارها الفاعلة في صحابته الكرام، فكتب بعضهم إلى بعض بما تلقوه منه ﷺ، تبليغا أو استدلالا أو تذكيرا، وأيضا كتب بعضهم عن بعض، ولو جمع الآن ما هو متفرق في دواوين السنة من تلك الكتابات، لظهر لنا أن كميته أكثر جدا مما جمع من كُتبه ﷺ التي تقدم ذكرها في المبحث السابق، ولكن يكفينا في الدلالة على ذلك بعض الأمثلة فمن ذلك ما جاء عن القعقاع بن حكيم أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى عبد الله بن عمر أن ارفع إليَّ حاجتك، قال: فكتب إليه عبد الله: إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى" (١) .
وكان لعبد الله بن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه، فكتب إليه مرة عبد الله بن عمر: أنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر فإياك أن تكتب إليَّ، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر" (٢) .
وعن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي: أنه كان مع عقبة بن فرقد بأذربيجان أو بالشام قال: جاءنا كتاب عمر: أما بعد يا عتبة بن فرقد... الحديث وفيه: كان رسول الله ﷺ نهى عن لبوس الحرير إلا هكذا،
_________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٢/ ١٥٢- ح ٦٤٠٢) وإسناده حسن.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند (٢/ ٩) حديث (٥٦٣٩) بإسناد حسن، ومن طريقه أخرجه الحاكم في المستدرك (١/٨٤) . ومن طريق غيره أيضًا وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
1 / 36