جهة أن موضوعه جسم طبعي «1» وهو جوهر، والرياضي موضوعه كم وهو عرض، والجوهر أشرف من العرض. وأيضا الطبعي «2» في الأغلب معطي اللم والرياضي الإن، ومعطي اللم أفضل، وأيضا هو يشتمل على علم النفس وهو أم الحكمة وأصل الفضائل. والرياضي أفضل من الطبعي «3» من جهة أن الأحوال الوهمية والخيالية غير متناهية القسمة، فهناك لا تقف عند حد، فهو أفضل مما هو محصور بين الحواصر؛ وأيضا الأمور الرياضية أصفى وألطف وألذ وأتم عن «4» الأمور المكدرة الجسمانية، وأيضا يقل التشويش والغلط في براهينه العددية والهندسية بخلاف الطبعي «5»، بل الإلهي؛ ومن أجل ذلك قيل إدراك الإلهي والطبعي «6» من جهة ما هو أشبه وأحرى لا باليقين، كذا في الصدري.
ال
علم الطب
عي</span>: «7»
ويسمى أيضا بالعلم الأدنى وبالعلم الأسفل، وهو علم بأحوال ما يفتقر إلى المادة في الوجودين وتحقيقه قد سبق. وموضوعه الجسم الطبعي «8» من حيث أن «9» يستعد للحركة والسكون. وفي إرشاد القاصد للشيخ شمس الدين الأكفاني العلم الطبعي «10» وهو علم يبحث فيه عن أحوال الجسم المحسوس من حيث هو معرض للتغير في الأحوال والثبات فيها، فالجسم من هذه الحيثية موضوعه.
وأما العلوم التي تتفرع عليه وتنشأ منه فهي عشرة: علم الطب وعلم البيطرة وعلم البيزرة «11» وعلم الفراسة وعلم تعبير الرؤيا وعلم أحكام النجوم وعلم السحر وعلم الطلسمات وعلم السيميا وعلم الكيمياء وعلم الفلاحة، وذلك لأن نظره إما يكون فيما يتفرع على الجسم البسيط أو الجسم المركب أو ما يعمهما. والأجسام البسيطة إما الفلكية فأحكام النجوم وإما العنصرية فالطلسمات. والأجسام المركبة إما ما لا يلزمه مزاج وهو علم السيميا وما يلزمه مزاج، فإما بغير ذي نفس فالكيميا أو بذي نفس، فإما غير مدركة فالفلاحة وإما مدركة، فإما لها مع ذلك أن يعقل أو لا، الثاني البيطرة والبيزرة وما يجري مجراهما، والذي بذي النفس العاقلة هو الإنسان، وذلك إما في حفظ صحته واسترجاعها وهو الطب أو أحواله الظاهرة الدالة على أحواله الباطنة وهو الفراسة، أو أحوال نفسه حال غيبته عن حسه وهو تعبير الرؤيا. والعام للبسيط والمركب السحر، فلنذكر هذه العلوم على النهج المتقدم.
صفحة ٥٥