مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وخصصه بروائع الإحسان، وميزه بالعقل الغريزي وأتم العرفان. والصلاة على من وجوده رحمة للعالمين، محمد رسول الملائكة والثقلين أجمعين، أفضل مجموع الملائكة والمرسلين، وعلى آله وأصحابه الذين بهم طلع شمس الحق وأشرق وجه الدين، واضمحل ظلام الباطل، ولمع نور اليقين.
وبعد، يقول العبد الضعيف محمد على «1» بن شيخ علي بن قاضي محمد حامد بن مولانا أتقى العلماء محمد صابر الفاروقي السني الحنفي التهانوي ان أكثر ما يحتاج به في تحصيل العلوم المدونة والفنون المروجة إلى الأساتذة هو اشتباه الاصطلاح، فإن لكل [علم] «2» اصطلاحا خاصا به إذا لم يعلم بذلك لا يتيسر للشارع فيه الاهتداء إليه سبيلا، وإلى انغمامه «3» دليلا.
فطريق علمه إما الرجوع إليهم أو إلى الكتب التي جمع فيها اللغات المصطلحة كبحر الجواهر «4» وحدود الأمراض «5» في علم الطب واللطائف الأشرفية «6» ونحوه في علم التصوف، ولم أجد كتابا حاويا لاصطلاحات جميع العلوم المتداولة بين الناس وغيرها. وقد كان يختلج في صدري أوان التحصيل أن أؤلف كتابا وافيا لاصطلاحات جميع العلوم، كافيا للمتعلم من الرجوع إلى الأساتذة العالمين بها كي لا يبقى حينئذ للمتعلم بعد تحصيل العلوم العربية حاجة إليهم إلا من حيث السند عنهم تبركا وتطوعا.
فلما فرغت من تحصيل العلوم العربية والشرعية من حضرة جناب أستاذي ووالدي شمرت عن ساق الجد إلى اقتناء ذخائر العلوم الحكمية الفلسفية من الحكمة الطبعية «7» والإلهية والرياضية كعلم الحساب والهندسة والهيئة والاسطرلاب ونحوها، فلم يتيسر تحصيلها من الأساتذة، فصرفت شطرا من الزمان إلى مطالعة مختصراتها الموجودة عندي فكشفها الله تعالى علي، فاقتبست منها المصطلحات أوان المطالعة وسطرتها على حدة، في كل باب باب يليق بها على ترتيب حروف التهجي كي يسهل استخراجها لكل أحد، وهكذا اقتبست من سائر العلوم فحصلت في بضع سنين
صفحة ١
كتابا جامعا لها.
ولما حصل الفراغ من تسويدها سنة ألف ومائة وثمانية وخمسين جعلته موسوما وملقبا بكشاف اصطلاحات الفنون، ورتبته على فنين: فن في الألفاظ العربية، وفن في الألفاظ العجمية.
ولما كان للعلوم المدونة نوع تقدم على غيرها من حيث إنا إذا قلنا هذا اللفظ في اصطلاح النحو موضوع لكذا مثلا وجب لنا أن نعلم النحو أولا، وكان ذكرها مجموعة موجبا للإيجاز والاختصار والتسهيل على النظار ذكرتها في المقدمة، فنقول مستعينا بالوهاب العلام.
صفحة ٢
المقدمة في بيان العلوم المدونة وما يتعلق بها
العلوم المدونة: وهي العلوم التي دونت في الكتب كعلم الصرف والنحو المنطق والحكمة ونحوها.
اعلم أن العلماء اختلفوا؛ فقيل: لا يشترط في كون الشخص عالما بعلم أن يعلمه بالدليل؛ وقيل:
يشترط ذلك حتى لو علمه [أحد] «1» بلا أخذ «2» دليل يسمى حاكيا لا عالما، وإليه يشير كلام المحقق عبد الحكيم «3» في حاشية فوائد الضيائية «4» حيث قال: من قال العلم عبارة عن العلم بالمسائل المدللة جعل العلم بالمسائل المجردة حكاية لمسائل العلوم، ومن قال إنه عبارة عن المسائل جعله علما انتهى.
وبالنظر إلى المذهب الأول ذكر المحقق المذكور في حواشي الخيالي «5» من «6» أن العلم قد يطلق على التصديق بالمسائل، وقد يطلق على نفس المسائل، وقد يطلق على الملكة الحاصلة منها.
وأيضا مما يقال كتبت علم فلان أو سمعته، أو يحصر في ثمانية أبواب مثلا هو المعنى الثاني، ويمكن حمله على المعنى الأول أيضا بلا بعد، لأن تدوين المعلوم بعد تدوين العلم عرفا، وأما تدوين الملكة فمما يأباه الذوق السليم انتهى. وما يقال فلان يعلم النحو مثلا لا يراد به أن جميع مسائله حاضرة في ذهنه، بل يراد به أن له حالة بسيطة إجمالية هي مبدأ لتفاصيل مسائله، بها يتمكن من استحضارها، فالمراد بالعلم المتعلق بالنحو هاهنا هو الملكة وإن كان النحو عبارة عن المسائل، هكذا يستفاد من المطول وحواشيه «7».
صفحة ٣
وبالنظر إلى المذهب الثاني قال صاحب الأطول «1» في تعريف علم المعاني: أسماء العلوم المدونة نحو علم المعاني تطلق على إدراك القواعد عن دليل، حتى لو أدركها أحد تقليدا لا يقال له عالم بل حاك، ذكره السيد السند «2» في شرح المفتاح «3».
وقد تطلق على معلوماتها التي هي القواعد، لكن إذا علمت عن دليل وإن أطلقوا، وعلى الملكة الحاصلة من إدراك القواعد مرة بعد أخرى، أعني ملكة استحضارها متى أريد، لكن إذا كانت ملكة إدراك عن دليل وإن أطلقوا كما يقتضيه تخصيص الاسم بالإدراك عن دليل كما لا يخفى.
وكذلك لفظ العلم يطلق على المعاني الثلاثة، لكن حقق السيد السند أنه في الإدراك حقيقة، وفي الملكة التي هي تابعة للإدراك في الحصول ووسيلة إليه في البقاء، وفي متعلق الإدراك الذي هو المسائل إما حقيقة عرفية أو اصطلاحية أو مجاز مشهور. وفي كونه حقيقة الإدراك نظر، لأن المراد به الإدراك عن دليل لا الإدراك مطلقا حتى يكون حقيقة انتهى. وقال أبو القاسم «4» في حاشية المطول:
إن جعل أسماء العلوم المدونة مطلقة على الأصول والقواعد وإدراكها والملكة الحاصلة على سواء، وكذا لفظ العلم صح.
ثم إنهم ذكروا أن المناسب أن يراد بالملكة هاهنا كيفية للنفس بها يتمكن من معرفة جميع المسائل، يستحضر بها ما كان معلوما مخزونا منها، ويستحصل ما كان مجهولا، لا ملكة الاستحضار فقط المسماة بالعقل بالفعل إذ الظاهر أن من تمكن من معرفة جميع مسائل علم بأن يكون عنده ما يكفيه في تحصيلها يعد عالما بذلك العلم من غير اشتراط العلم بجميعها فضلا عن صيرورتها «5» مخزونة، ولا ملكة الاستحصال فقط المسماة بالعقل بالملكة، لأنه يلزم حينئذ أن يعد عالما من له تلك الملكة مع عدم حصول شيء من المسائل، فالمراد بالملكة أعم من ملكة الاستحضار والاستحصال؛ قال في
صفحة ٤
الأطول: المراد الاستحضار لا الملكة المطلقة، وعدم حصول العلم المدون لأحد وهو يتزايد يوما فيوما ليس بممتنع ولا بمستبعد، فإن استحالة معرفة الجميع لا ينافي كون العلم سببا لها، وتسمية البعض فقيها أو نحويا أو حكيما كناية عن علو شأنه في العلم بحيث كأنه حصل له الكل، وبالجملة فملكة الاستحصال ليست علما وإنما الكلام في أن ملكة استحضار أكثر المسائل مع ملكة استحصال الباقي هل هو العلم أم لا؟ فمن أراد أن يكون إطلاق الفقيه على الأئمة حقيقة مع عجزهم عن جواب بعض الفتاوى التزم ذلك، وأما على ما سلكنا من أن الإطلاق مجازي فلا يلزمه.
التقسيم
اعلم أن هاهنا، أي في مقام تقسيم العلوم المدونة التي هي إما المسائل أو التصديق بها، تقسيمات على ما في بعض حواشي شرح المطالع «1». وقال السيد السند إن [العلم] «2» بمعنى ملكة الإدراك يتناول العلوم النظرية.
الأول: العلوم إما نظرية أي غير متعلقة بكيفية عمل، وإما عملية أي متعلقة بها. فالمنطق والحكمة العملية والطب العملي وعلم الخياطة كلها داخلة في العملي لأنها بأسرها متعلقة بكيفية عمل: إما ذهني كالمنطق أو خارجي كالطب مثلا؛ توضيحه أن العملي والنظري يستعملان لمعان: أحدها في تقسيم العلوم مطلقا كما عرفت. وثانيها في تقسيم الحكمة، فإن العملي هناك علم بما يكون وجوده بقدرتنا واختيارنا، والنظري علم بما لا يكون وجوده بقدرتنا واختيارنا. وثالثها ما ذكر في تقسيم الصناعات من أنها [إما] «3» عملية أي يتوقف حصولها على ممارسة العمل أو نظرية [أي] «4» لا يتوقف حصولها عليها، وعلى هذا فعلم الفقه والنحو والمنطق والحكمة العملية والطب العملي خارجة عن العملي إذ لا حاجة في حصولها إلى مزاولة الأعمال، بخلاف علوم الخياطة والحياكة والحجامة لتوقفها على الممارسة والمزاولة. والعملي بالمعنى الأول أعم من العملي المذكور في تقسيم الحكمة، لأنه يتناول ما يتعلق بكيفية عمل ذهني كالمنطق ولا يتناوله العملي المذكور في تقسيم الحكمة لأنه هو الباحث عن أحوال ما لاختيارنا مدخل في وجوده مطلقا، أو الخارجي.
وموضوع المنطق معقولات ثانية لا يحاذى بها أمر في الخارج، ووجودها الذهني لا يكون مقدورا لنا فلا يكون داخلا في العملي بهذا المعنى.
وأما العملي المذكور في تقسيم الصناعات فهو أخص من العملي بكلا المعنيين لأنه قسم من الصناعة المفسرة بعلم متعلق بكيفية العمل سواء حصل بمزاولة العمل أولا، فالعملي بالمعنى الأول نفس الصناعة، وبالمعنى الثاني أخص من الأول لكنه أعم من هذا المعنى الثالث لعدم المزاولة ثمة بخلافها هاهنا.
صفحة ٥
الثاني: العلوم إما آلية أو غير آلية، لأنها إما أن لا تكون في أنفسها آلة لتحصيل شيء آخر بل كانت مقصودة بذواتها، أو تكون آلة له غير مقصودة في أنفسها، الثانية تسمى آلية والأولى تسمى غير آلية.
ثم إنه ليس المراد بكون العلم في نفسه آلية أن الآلية ذاتية لأن الآلية للشيء تعرض له بالقياس إلى غيره، وما هو كذلك ليس ذاتيا بل المراد أنه في حد ذاته بحيث إذا قيس إلى ما هو آلة يعرض له الآلية ولا يحتاج في عروضها له إلى غيره، كما أن الإمكان الذاتي لا يعرض للشيء إلا بالقياس إلى وجوده؛ والتسمية بالآلية بناء على اشتمالها على الآلة فإن العلم الآلي مسائل كل منها مما يتوسل به إلى ما هو آلة له، وهو الأظهر إذ لا يتوسل بجميع علم إلى علم.
ثم اعلم أن مؤدى التقسيمين واحد إذ التقسيمان متلازمان؛ فإن ما يكون في حد ذاته آلة لتحصيل غيره لا بد أن يكون متعلقا بكيفية تحصيله فهو متعلق بكيفية عمل، وما يتعلق بكيفية عمل لا بد أن يكون في نفسه آلة لتحصيل غيره، فقد رجع معنى الآلي إلى معنى العملي، وكذا ما لا يكون آلة له كذلك لم يكن متعلقا بكيفية عمل، وما لم يتعلق بكيفية عمل لم يكن في نفسه آلة لغيره، فقد رجع معنى النظري وغير الآلي إلى شيء واحد.
ثم اعلم أن غاية العلوم الآلية أي العلة الغائية لها حصول غيرها، وذلك لأنها متعلقة بكيفية العمل ومبينة لها، فالمقصود منها حصول العمل سواء كان ذلك العمل مقصودا بالذات أو مقصودا لأمر آخر يكون هو غاية أخيرة لتلك العلوم، وغاية العلوم الغير الآلية حصولها أنفسها وذلك لأنها في حد أنفسها مقصودة بذواتها وإن أمكن أن يترتب عليها منافع أخرى، فإن إمكان الترتب الاتفاقي بل وقوعه لا ينافي كون المرتب عليه مقصودا بالذات إنما المنافي له قصد الترتب. والحاصل أن المراد بالغاية هي الغاية الذاتية التي قصدها المخترع الواضع لا الغاية التي كانت حاملة للشارع على الشروع، فإن الباعث للشارع في الشروع في العلوم الآلية يجوز أن يكون حصولها أنفسها، وفي العلوم الغير الآلية يجوز أن يكون زائدا على أنفسها.
فإن قيل: غاية الشيء علة له ولا يتصور كون الشيء علة لنفسه، فكيف يتصور كون غاية العلوم الغير الآلية حصولها أنفسها؟ قيل: الغاية تستعمل على وجهين: أحدهما أن تكون مضافة إلى الفعل وهو الأكثر، يقال غاية هذا الفعل كذا، وحينئذ تكون الغاية مترتبة على نفس ذي الغاية وتكون علة لها. الثاني أن تكون مضافة إلى المفعول، يقال غاية ما فعل كذا، وحينئذ تكون الغاية مترتبة على فعله وعلة له لا لذي الغاية، أعني ما أضيف إليه الغاية؛ والغاية فيما نحن فيه من القسم الثاني لأن المضاف إليه للغاية هاهنا المفعول وهو المحصل، أعني العلوم دون الفعل الذي هو التحصيل، فالمراد بغايتها ما يترتب على تحصيلها ويكون علة له لا لها، هذا كله خلاصة ما في شرح المطالع وحواشيه. الثالث إلى عربية وغير عربية. الرابع إلى شرعية وغير شرعية. الخامس إلى حقيقية وغير حقيقية. السادس إلى عقلية ونقلية، فالعقلية ما لا يحتاج فيه إلى النقل والنقلية بخلاف ذلك. السابع إلى العلوم الجزئية وغير الجزئية، فالعلوم التي موضوعاتها أخص من موضوع علم آخر تسمى علوما جزئية كعلم الطب فإن موضوعه وهو الإنسان أخص من موضوع الطبعي، والتي موضوعاتها أعم يسمى بالعلم الأقدم لأن الأعم أقدم للعقل من الأخص، فإن إدراك الأعم قبل إدراك الأخص كذا في بحر الجواهر.
صفحة ٦
اجزاء العلوم
قالوا: كل علم من العلوم المدونة لا بد فيه من أمور ثلاثة: الموضوع والمسائل والمبادئ، وهذا القول مبني على المسامحة، فإن حقيقة كل علم مسائله، وعد الموضوع والمبادئ من الأجزاء إنما هو لشدة اتصالهما بالمسائل التي هي المقصودة في العلم.
أما الموضوع فقالوا: موضوع كل علم ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية؛ وتوضيحه أن كمال الإنسان بمعرفته أعيان الموجودات من تصوراتها والتصديق بأحوالها على ما هي عليه بقدر الطاقة البشرية، ولما كانت معرفتها بخصوصها متعذرة مع عدم إفادتها كمالا معتدا بها لتغيرها وتبدلها أخذوا المفهومات الكلية الصادقة عليها، ذاتية كانت أو عرضية، وبحثوا عن أحوالها من حيث انطباقها عليها، ليفيد علمها بوجه كلي علما باقيا أبد الدهر. ولما كانت أحوالها متكثرة وضبطها منتشرة مختلفة متعسرا، اعتبروا الأحوال الذاتية لمفهوم مفهوم، وجعلوها علما منفردا بالتدوين وسموا ذلك المفهوم موضوعا لذلك العلم، لأن موضوعات مسائله راجعة إليه، فصارت كل طائفة من الأحوال المتشاركة في موضوع علما منفردا ممتازا في نفسه عن طائفة أخرى متشاركة في موضوع آخر، فجاءت علومهم متمايزة في أنفسها بموضوعاتها؛ وهذا أمر استحساني إذ لا مانع عقلا من أن يعد كل مسئلة علما برأسه ويفرد بالتعليم، ولا بد من أن تعد مسائل كثيرة غير متشاركة في موضوع واحد علما واحدا ويفرد بالتدوين، فالامتياز الحاصل للطالب بالموضوع إنما هو للمعلومات بالأصالة، وللعلوم بالتبع.
والحاصل بالتعريف على عكس ذلك إن كان تعريفا للعلم، وإن كان تعريفا للمعلوم فالفرق أنه قد لا يلاحظ الموضوع.
ثم إنهم عمموا الأحوال الذاتية وفسروها بما يكون محمولا على ذلك المفهوم، إما لذاته أو لجزئه الأعم أو المساوي؛ فإن له اختصاصا بالشيء من حيث كونه من أحوال مقومه أو للخارج المساوي له، سواء كان شاملا لجميع أفراد ذلك المفهوم على الإطلاق، أو مع مقابله مقابلة التضاد، أو العدم، والملكة دون مقابلة السلب والإيجاب، إذ المتقابلان تقابل السلب والإيجاب لا اختصاص لهما بمفهوم دون مفهوم، ضبطا للانتشار بقدر الإمكان، فأثبتوا الأحوال الشاملة على الإطلاق لنفس الموضوع والشاملة مع مقابلتها لأنواعه، واللاحقة للخارج المساوي لعرضه الذاتي، ثم إن تلك الأعراض الذاتية لها عوارض ذاتية شاملة لها على الإطلاق، أو على التقابل، فأثبتوا العوارض الشاملة على الإطلاق لنفس الأعراض الذاتية، والشاملة على التقابل لأنواع تلك الأعراض، وكذلك عوارض تلك العوارض، وهذه العوارض في الحقيقة قيود للأعراض المثبتة للموضوع ولأنواعه إلا أنها لكثرة مباحثها جعلت محمولات على الأعراض، وهذا تفصيل ما قالوا: معنى البحث عن الأعراض الذاتية أن تثبت تلك الأعراض لنفس الموضوع أو لأنواعه أو لأعراضه الذاتية أو لأنواعها، أو لأعراض أنواعها، وبهذا يندفع ما قيل إنه ما من علم إلا ويبحث فيه عن الأحوال المختصة بأنواعه فيكون بحثا عن الأعراض الغريبة، للحوقها بواسطة أمر أخص كما يبحث في الطبعي «1» عن الأحوال
صفحة ٧
المختصة بالمعادن والنباتات والحيوانات، وذلك لأن المبحوث عنه في العلم الطبعي «1» أن الجسم إما ذو طبيعة أو ذو نفس، آلي أو غير آلي، وهي من عوارضه الذاتية، والبحث عن الأحوال المختصة بالعناصر وبالمركبات التامة وغير التامة، كلها تفصيل لهذه العوارض وقيود لها.
ولاستصعاب هذا الإشكال قيل: المراد بالبحث عن الأعراض الذاتية حملها على موضوع العلم، كقول صاحب علم أصول الفقه: الكتاب يثبت الحكم قطعا، أو على أنواعه كقوله: الأمر يفيد الوجوب، أو على أعراضه الذاتية كقوله: يفيد القطع، أو على أنواع أعراضه الذاتية كقوله: العام الذي خص منه يفيد الظن. وقيل معنى قولهم: يبحث فيه عن عوارضه الذاتية أنه يرجع البحث فيه إليها، بأن يثبت أعراضه الذاتية له أو يثبت لنوعه ما هو عرض ذاتي لذلك النوع أو لعرضه الذاتي ما هو عرض ذاتي لذلك العرض او يثبت لنوع العرضي الذاتي ما هو عرض ذاتي لذلك النوع. ولا يخفى عليك أنه يلزم دخول العلم الجزئي في العلم الكلي كعلم الكرة المتحركة في علم الكرة وعلم الكرة في العلم الطبعي «2»، لأنه يبحث فيها عن العوارض الذاتية لنوع الكرة أو الجسم الطبعي «3»، أو لعرضه الذاتي، أو لنوع عرضه الذاتي.
ثم اعلم أن هذا الذي ذكر من تفسير الأحوال الذاتية إنما هو على رأي المتأخرين الذاهبين إلى أن اللاحق للشيء بواسطة جزئه الأعم من أعراضه الذاتية المبحوث عنها في العلم، فإنهم ذكروا أن العرض هو المحمول على الشيء الخارج عنه، وان العرض الذاتي هو الخارج المحمول الذي يلحق الشيء لذاته، بأن يكون منتهاه الذات كلحوق إدراك الأمور الغريبة للإنسان بالقوة، أو يلحقه بواسطة جزئه الأعم كلحوق التحيز له لكونه جسما، أو المساوي كلحوق التكلم له لكونه ناطقا، أو يلحقه بواسطة أمر خارج مساو كلحوق التعجب له لإدراكه الأمور المستغربة؛ وأما ما يلحق الشيء بواسطة أمر خارج أخص أو أعم مطلقا أو من وجه أو بواسطة أمر مباين فلا يسمى عرضا ذاتيا بل عرضا غريبا.
والتفصيل أن العوارض ستة: لأن ما يعرض للشيء إما أن يكون عروضه لذاته أو لجزئه أو لأمر خارج عنه سواء كان مساويا له أو أعم منه أو أخص أو مباينا، فالثلاثة الأول تسمى أعراضا ذاتية لاستنادها إلى ذات المعروض أي لنسبتها إلى الذات نسبة قوية وهي كونها لا حقة بلا واسطة أو بواسطة لها خصوصية بالتقديم أو بالمساواة، والبواقي تسمى أعراضا غريبة لعدم انتسابها إلى الذات نسبة قوية. أما المتقدمون فقد ذهبوا إلى أن اللاحق بواسطة الجزء الأعم من الأعراض الغريبة التي لا يبحث عنها في ذلك العلم، وعرفوا العرض الذاتي بالخارج المحمول الذي يلحق الشيء لذاته أو لما يساويه، سواء كان جزءا لها أو خارجا عنها.
قيل هذا هو الأولى إذ الأعراض اللاحقة بواسطة الجزء الأعم تعم الموضوع وغيره، فلا تكون آثارا مطلوبة له لأنها هي الأعراض المعينة المخصوصة التي تعرضه بسبب استعداده المختص، ثم في عد العارض بواسطة المباين مطلقا من الأعراض الغريبة نظر، إذ قد يبحث في العلم الذي موضوعه
صفحة ٨
الجسم الطبعي «1» عن الألوان مع كونها عارضة له بواسطة مباينة، وهو السطح.
وتحقيقه أن المقصود في كل علم مدون بيان أحوال موضوعه: أعني أحواله التي توجد فيه ولا توجد في غيره ولا يكون وجودها فيه بتوسط نوع مندرج تحته، فإن ما يوجد في غيره لا يكون من أحواله حقيقة بل هو من أحوال ما هو أعم منه؛ والذي يوجد فيه فقط لكنه لا يستعد لعروضه ما لم يصر نوعا مخصوصا من أنواعه، كان من أحوال ذلك النوع حقيقة، فحق هاتين الحالين أن يبحث عنهما في علمين موضوعهما ذلك الأعم والأخص، وهذا أمر استحساني كما لا يخفى.
ثم الأحوال الثابتة للموضوع على الوجه المذكور على قسمين: أحدهما ما هو عارض له، وليس عارضا لغيره إلا بتوسطه، وهو العرض الأولى. وثانيهما ما هو عارض لشيء آخر وله تعلق بذلك الموضوع بحيث يقتضي عروضه له بتوسط ذلك الآخر، الذي يجب أن لا يوجد في غير الموضوع، سواء كان داخلا فيه أو خارجا عنه، إما مساويا له في الصدق، أو مباينا له فيه ومساويا في الوجود، فالصواب أن يكتفى في الخارج بمطلق المساواة، سواء كانت في الصدق أو في الوجود، فإن المباين إذا قام بالموضوع مساويا له في الوجود ووجد له عارض قد عرض له حقيقة لكنه يوصف به الموضوع كان ذلك العارض من الأحوال المطلوبة في ذلك العلم، لكونها ثابتة للموضوع على الوجه المذكور.
واعلم أيضا أن المطلوب في العلم بيان إنية «2» تلك الأحوال، أي ثبوتها للموضوع، سواء علم لميتها «3» أي علة ثبوتها له أو لا.
واعلم أيضا أن المعتبر في العرض الأولي هو انتفاء الواسطة في العروض دون الواسطة في الثبوت التي هي أعم، يشهد بذلك أنهم صرحوا بأن السطح من الأعراض الأولية للجسم التعليمي مع أن
صفحة ٩
ثبوته [له] «1» بواسطة انتهائه وانقطاعه، وكذلك الخط للسطح والنقطة للخط، وصرحوا بأن الألوان ثابتة للسطوح أولا وبالذات، مع أن هذه الأعراض قد فاضت على محالها من المبدأ الفياض «2»، وعلى هذا فالمعتبر فيما يقابل العرض الأولي، أعني سائر الأقسام، ثبوت الواسطة في العروض.
وإن شئت الزيادة على ما ذكرنا فارجع إلى شرح المطالع وحواشيه وغيرها من كتب المنطق.
فائدة
</span></span>
قالوا يجوز أن تكون الأشياء الكثيرة موضوعا لعلم واحد، لكن لا مطلقا بل بشرط تناسبها، بأن تكون مشتركة في ذاتي كالخط والسطح والجسم التعليمي للهندسة، فإنها تتشارك في جنسها وهو المقدار، أو في عرضي كبدن الإنسان وأجزائه والأغذية والأدوية والأركان والأمزجة، وغير ذلك إذا جعلت موضوعات للطب، فإنها تتشارك في كونها منسوبة إلى الصحة التي هي الغاية القصوى في ذلك العلم.
فائدة
قالوا الشيء الواحد لا يكون موضوعا للعلمين، وقال صدر الشريعة «3» هذا غير ممتنع، فإن الشيء الواحد له أعراض متنوعة، ففي كل علم يبحث عن بعض منها، ألا ترى أنهم جعلوا أجسام العالم وهي البسائط موضوع علم الهيئة، من حيث الشكل، وموضوع علم السماء والعالم، من حيث الطبيعة، وفيه نظر. أما أولا فلأنهم لما حاولوا معرفة أحوال أعيان الموجودات وضعوا الحقائق أنواعا وأجناسا، وبحثوا عما أحاطوا به من أعراضها الذاتية، فحصلت لهم مسائل كثيرة متحدة في كونها بحثا عن أحوال ذلك الموضوع، وإن اختلفت محمولاتها فجعلوها بهذا الاعتبار علما واحدا، يفرد بالتدوين والتسمية، وجوزوا لكل أحد أن يضيف إليه ما يطلع عليه من أحوال ذلك الموضوع؛ فإن المعتبر في العلم هو البحث عن جميع ما تحيط به الطاقة الإنسانية من الأعراض الذاتية للموضوع، فلا معنى للعلم الواحد إلا أن يوضع شيء أو أشياء متناسبة فيبحث عن جميع عوارضه، ولا معنى لتمايز العلوم إلا أن هذا ينظر في أحوال شيء، وذلك في أحوال شيء آخر مغاير له بالذات أو بالاعتبار، بأن يؤخذ في أحد العلمين مطلقا وفي الآخر مقيدا أو يؤخذ في كل منهما مقيدا بقيد آخر، وتلك الأحوال مجهولة مطلوبة، والموضوع معلوم بين الوجود وهو الصالح سببا للتمايز. وأما ثانيا فلأنه ما من علم إلا ويشتمل موضوعه على أعراض ذاتية متنوعة، فلكل أحد أن يجعله علوما متعددة بهذا الاعتبار، مثلا يجعل البحث عن فعل المكلف من حيث الوجوب علما، ومن حيث الحرمة علما آخر، إلى غير ذلك فيكون الفقه علوما متعددة موضوعها فعل المكلف، فلا ينضبط الاتحاد والاختلاف.
صفحة ١٠
فائدة
قال صدر الشريعة: قد يذكر الحيثية في الموضوع وله معنيان: أحدهما أن الشيء مع تلك الحيثية موضوع، كما يقال: الموجود من حيث إنه موجود، أي من هذه الجهة وبهذا الاعتبار موضوع العلم الالهي، فيبحث فيه عن الأحوال التي تلحقه من حيث إنه موجود كالوحدة، والكثرة، ونحوهما، ولا يبحث فيه عن تلك الحيثية أي حيثية الوجود لأن الموضوع ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية لا ما يبحث عنه وعن أجزائه. وثانيهما أن الحيثية تكون بيانا للأعراض الذاتية المبحوث عنها فإنه يمكن أن يكون للشيء عوارض ذاتية متنوعة، وإنما يبحث في علم من «1» نوع منها، فالحيثية بيان لذلك النوع، فيجوز أن يبحث عنها، فقولهم: موضوع الطب بدن الإنسان من حيث إنه يصح ويمرض، وموضوع الهيئة أجسام العالم من حيث إن لها شكلا يراد به المعنى الثاني لا الأول، إذ في الطب يبحث عن الصحة والمرض، وفي الهيئة من «2» الشكل، فلو كان المراد الأول لم يبحث عنها.
قيل: ولقائل أن يقول: لا نسلم أنها في الأول جزء من الموضوع، بل قيد لموضوعيته، بمعنى أن البحث يكون عن الأعراض التي تلحقه من تلك الحيثية؛ وبذلك الاعتبار وعلى هذا لو جعلنا في القسم الثاني أيضا قيدا للموضوع لا بيانا للأعراض الذاتية على ما هو ظاهر كلام القوم لم يكن البحث عنها في العلم بحثا عن أجزاء الموضوع ولم يلزم للقوم ما لزم لصدر الشريعة من تشارك العلمين في موضوع واحد بالذات والاعتبار.
وأما الإشكال بلزوم عدم كون الحيثية من الأعراض المبحوث عنها في العلم ضرورة أنها ليست مما يعرض للموضوع من جهة نفسها، وإلا لزم تقدم الشيء على نفسه، مثلا ليست الصحة والمرض مما يعرض لبدن الإنسان من حيث يصح ويمرض، فالمشهور في جوابه أن المراد من حيث إمكان الصحة والمرض وهذا ليس من الأعراض المبحوث عنها.
والتحقيق أن الموضوع لما كان عبارة عن المبحوث عنها في العلم عن أعراضه الذاتية قيد بالحيثية، على معنى أن البحث عن العوارض إنما يكون باعتبار الحيثية وبالنظر إليها أي يلاحظ في جميع المباحث هذا المعنى الكلي لا على معنى أن جميع العوارض المبحوث عنها يكون لحوقها للموضوع بواسطة هذه الحيثية البتة. وتحقيق هذه المباحث يطلب من التوضيح «3» والتلويح «4».
وأما المسائل فهي القضايا التي يطلب بيانها في العلوم وهي في الأغلب نظريات، وقد تكون ضرورية فتورد في العلم إما لاحتياجها إلى تنبيه يزيل عنها خفاءها، أو لبيان لميتها، لأن القضية قد تكون بديهية دون لميتها ككون النار محرقة فإنه معلوم الإنية أي الوجود مجهول اللمية، كذا في شرح
صفحة ١١
المواقف «1» وبعض حواشي تهذيب المنطق «2»؛ وقال المحقق التفتازاني «3»: المسألة لا تكون إلا.
نظرية، وهذا مما لا اختلاف فيه لأحد، وما قيل من احتمال كونها غير كسبية فسهو ظاهر.
ثم للمسائل موضوعات ومحمولات، أما موضوعها فقد يكون موضوع العلم، كقولنا كل مقدار إما مشارك للآخر أو مباين، والمقدار موضوع علم الهيئة، وقد يكون موضوع العلم مع عرض ذاتي كقولنا: كل مقدار وسط في النسبة فهو ضلع ما يحيط به الطرفان. فقد أخذ في المسألة المقدار مع كونه وسطا في النسبة وهو عرض ذاتي، وقد يكون نوع موضوع العلم كقولنا: كل خط يمكن تنصيفه، فإن الخط نوع من المقدار، وقد يكون نوعا مع عرض ذاتي كقولنا: كل خط قام على خط فإن زاويتي جنبتيه قائمتان أو مساويتان لهما، فالخط نوع من المقدار، وقد أخذ في المسألة مع قيامه على خط وهو عرض ذاتي، وقد يكون عرضا ذاتيا كقولنا: كل مثلث فإن زواياه مثل القائمتين، فالمثلث عرض ذاتي للمقدار؛ وقد يكون نوع عرض ذاتي كقولنا: كل مثلث متساوي الساقين فإن زاويتي قاعدته متساويتان. وبالجملة فموضوعات المسائل هي موضوعات العلم أو أجزاؤها أو أعراضها الذاتية أو جزئياتها، وأما محمولاتها فالأعراض الذاتية لموضوع العلم فلا بد أن تكون خارجة عن موضوعاتها، لامتناع أن يكون جزء الشيء مطلوبا بالبرهان، لأن الأجزاء بينة الثبوت للشيء، كذا في شرح الشمسية «4».
اعلم أن من عادة المصنفين أن يذكروا عقيب الأبواب ما شذ منها من المسائل فتصير مسائل من أبواب متفرقة، فتترجم تارة بمسائل منشورة وتارة بمسائل شتى، كذا في فتح القدير «5»، وأكثر ما يوجد ذلك في كتب الفقه.
وأما المبادئ فهي التي تتوقف عليها مسائل العلم، أي تتوقف على نوعها مسائل العلم، أي التصديق بها إذ لا توقف للمسألة على دليل مخصوص؛ وهي إما تصورات أو تصديقات. أما التصورات فهي حدود الموضوعات، أي ما يصدق عليه موضوع العلم لا مفهوم الموضوع كالجسم الطبعي «6»، وحدود أجزائها كالهيولى والصورة وحدود جزئياتها كالجسم البسيط، وحدود أعراضها
صفحة ١٢
الذاتية كالحركة للجسم الطبعي «1»، وخلاصته تصور الأطراف على وجه هو مناط للحكم.
وأما التصديقات فهي مقدمات إما بينة بنفسها وتسمى علوما متعارفة كقولنا: في علم الهندسة المقادير المساوية لشيء واحد متساوية، وإما غير بينة بنفسها سواء كانت مبينة هناك أو في محل آخر أو في علم آخر يتوقف عليها الأدلة المستعملة في ذلك العلم سواء كانت قياسات أو غيرها من الاستقراء والتمثيل، وحصرها في المبينة فيه والمبينة في علم آخر وفي أجزاء القياسات كما توهم محل نظر.
ثم الغير البينة بنفسها إما مسلمة فيه أي في ذلك العلم على سبيل حسن الظن، وتسمى أصولا موضوعة، كقولنا في علم الهندسة: لنا أن نصل بين كل نقطتين بخط مستقيم، أو مسلمة في الوقت أي وقت الاستدلال مع استنكار وتشكك إلى أن تستبين «2» في موضعها، وتسمى مصادرات، لأنه تصدر بها المسائل التي تتوقف عليها كقولنا فيه: لنا أن نرسم على كل نقطة وبكل بعد دائرة؛ ونوقش في المثال بأنه لا فرق بينه وبين قولنا لنا أن نصل الخ في قبول المتعلم بهما بحسن الظن. وأورد مثال المصادرة قول اقليدس «3» إذا وقع خط على خطين وكانت الزاويتان الداخلتان أقل من قائمتين فإن الخطين إذا أخرجا بتلك الجهة التقيا، لكن لا استبعاد في ذلك، إذ المقدمة الواحدة قد تكون أصلا موضوعا عند شخص، مصادرة عند شخص آخر. ثم الحدود والأصول الموضوعة والمصادرات يجب أن يصدر بها العلم. وأما العلوم المتعارفة فعن تصدير العلم بها غنية لظهورها، وربما تخصص العلوم المتعارفة بالصناعة إن كانت عامة، وتصدر بها في جملة المقدمات كما فعل اقليدس في كتابه.
واعلم أن التصدير قد يكون بالنسبة إلى العلم نفسه بأن يقدم عليه جميع ما يحتاج إليه، وقد يكون بالنسبة إلى جزئه المحتاج، لكن الأول أولى.
هذا وقد تطلق المبادئ عندهم على المعنى الأعم وهو ما يبدأ به قبل الشروع في مقاصد العلم كما يذكر في أوائل الكتب قبل الشروع في العلم، لارتباطه به في الجملة، سواء كان خارجا من العلم، بأن يكون من المقدمات، وهي ما يكون خارجا يتوقف عليه الشروع فيه ولو على وجه البصيرة، أو على وجه كمال البصيرة ووفور الرغبة في تحصيله بحيث لا يكون عبثا عرفا، أو في نظره، كمعرفة العلم برسمه المفيد لزيادة البصيرة، ومعرفة غايته، أو لم يكن خارجا عنه، بل داخلا فيه، بأن يكون
صفحة ١٣
من المبادئ المصطلحة السابقة من التصورات والتصديقات؛ وعلى هذا تكون المبادئ أعم من المقدمات أيضا، فإن المقدمات خارجة عن العلم لا محالة بخلاف المبادئ. والمبادئ بهذا المعنى قد تعد أيضا من أجزاء العلم تغليبا، وإن شئت تحقيق هذا فارجع إلى شرح مختصر الأصول وحواشيه «1». ومنهم من فسر المقدمة بما يعين في تحصيل الفن فتكون المقدمات أعم، كذا قيل، يعني تكون المقدمات بهذا المعنى أعم من المبادئ بالمعنى الأول لا من المبادئ بالمعنى الثاني وإن اقتضاه ظاهر العبارة إذ بينها وبين المبادئ بالمعنى الثاني هو المساواة، إذ ما يستعان به في تحصيل الفن يصدق عليه أنه مما يتوقف عليه الفن إما مطلقا، أو على وجه البصيرة، أو على وجه كمال البصيرة، وبالجملة فالمعتبر في المبادئ التوقف مطلقا. قال السيد السند: مبادئ العلم ما يتوقف عليه ذات المقصود فيه «2»، أعني التصورات التي يبتنى عليها إثبات مسائله، وهي قد تعد جزءا منه، وأما إذا أطلقت على ما يتوقف عليه المقصود ذاتا أو تصورا أو شروعا فليست بتمامها من أجزائه؛ فإن تصور الشيء ومعرفة غايته خارجان عنه، ولا من جزئيات ما يتضمنه حقيقة لدخوله في العلم قطعا، انتهى.
الرءوس الثمانية
قالوا الواجب على من شرع في شرح كتاب ما أن يتعرض في صدره لأشياء قبل الشروع في المقصود، يسميها قدماء الحكماء الرءوس الثمانية.
أحدها الغرض من تدوين العلم أو تحصيله، أي الفائدة المترتبة عليه لئلا يكون تحصيله عبثا في نظره.
وثانيها المنفعة وهي ما يتشوقه الكل طبعا وهي الفائدة المعتد بها ليتحمل المشقة في تحصيله، ولا يعرض له فتور في طلبه، فيكون عبثا عرفا؛ هكذا في تكملة الحاشية الجلالية «3». وفي شرح التهذيب «4» وشرح إشراق الحكمة «5» أن المراد بالغرض هو العلة الغائية، فإن ما يترتب على فعل يسمى فائدة ومنفعة وغاية فإن كان باعثا للفاعل على صدور ذلك الفعل منه يسمى غرضا وعلة غائية، وذكر المنفعة إنما يجب إن وجدت لهذا العلم منفعة ومصلحة سوى الغرض الباعث، وإلا فلا.
وبالجملة فالمنفعة قد تكون بعينها الغرض الباعث.
صفحة ١٤
وثالثها السمة وهي عنوان الكتاب، ليكون عند الناظر إجمال ما يفصله الغرض، كذا في شرح اشراق الحكمة. وفي تكملة الحاشية الجلالية السمة هي عنوان العلم؛ وكأن المراد منه تعريف العلم برسمه أو بيان خاصة من خواصه ليحصل للطالب علم إجمالي بمسائله ويكون له بصيرة في طلبه؛ وفي شرح التهذيب السمة العلامة، وكأن المقصود الإشارة إلى وجه تسمية العلم؛ وفي ذكر وجه التسمية إشارة إجمالية إلى ما يفصل العلم من المقاصد.
ورابعها المؤلف وهو مصنف الكتاب ليركن قلب المتعلم إليه في قبول كلامه، والاعتماد عليه لاختلاف ذلك باختلاف المصنفين؛ وأما المحققون فيعرفون الرجال بالحق لا الحق بالرجال، ولنعم ما قيل: لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال. ومن شرط المصنفين أن يحترزوا عن الزيادة على ما يجب والنقصان عما يجب وعن استعمال الألفاظ الغريبة المشتركة وعن رداءة الوضع، وهي تقديم ما يجب تأخيره وتأخير ما يجب تقديمه.
وخامسها أنه من أي علم هو، أي من اليقينيات أو الظنيات، من النظريات أو العمليات، من الشرعيات أو غيرها، ليطلب المتعلم ما تليق به المسائل المطلوبة.
وسادسها أنه أية مرتبة هو، أي بيان مرتبته فيما بين العلوم، إما باعتبار عموم موضوعه أو خصوصه، أو باعتبار توقفه على علم آخر، أو عدم توقفه عليه، أو باعتبار الأهمية أو الشرف، لتقدم تحصيله على ما يجب، أو يستحسن تقديمه عليه، ويؤخر تحصيله عما يجب أو يستحسن تأخيره عنه.
وسابعها القسمة، وهي بيان أجزاء العلوم وأبوابها ليطلب المتعلم في كل باب منها ما يتعلق به، ولا يضيع وقته في تحصيل مطالب لا تتعلق به، كما يقال: أبواب المنطق تسعة، كذا وكذا؛ وهذا قسمة العلم، وقسمة الكتاب كما يقال: كتابنا هذا مرتب على مقدمة، وبابين وخاتمة، وهذا الثاني كثير شائع لا يخلو عنه كتاب.
وثامنها الأنحاء التعليمية وهي أنحاء مستحسنة في طرق التعليم، أحدها التقسيم، وهو التكثير من فوق إلى أسفل، أي من أعم إلى ما هو أخص، كتقسيم الجنس إلى الأنواع، والنوع إلى الأصناف، والصنف إلى الأشخاص. وثانيها التحليل، وهو عكسه أي التكثير من أسفل إلى فوق، أي من أخص إلى ما هو أعم، كتحليل زيد إلى الإنسان والحيوان، وتحليل الإنسان إلى الحيوان والجسم؛ هكذا في تكملة الحاشية الجلالية، وشرح إشراق الحكمة. وفي شرح التهذيب كأن المراد من التقسيم ما يسمى بتركيب القياس، وذلك بأن يقال: إذا أردت تحصيل مطلب من المطالب التصديقية ضع طرفي المطلوب واطلب جميع موضوعات كل واحد منهما، وجميع محمولات كل واحد منهما سواء كان حمل الطرفين عليها، أو حملها على الطرفين، بواسطة، أو بغير واسطة، وكذلك اطلب جميع ما سلب عنه الطرفان أو سلب هو عن الطرفين، ثم انظر إلى نسبة الطرفين إلى الموضوعات والمحمولات، فإن وجدت من محمولات موضوع المطلوب ما هو موضوع المحمول فقد حصل المطلوب عن «1» الشكل الأول، أو ما هو محمول على محموله فمن الشكل الثاني، أو من موضوعات موضوعه «2» ما هو موضوع لمحموله فمن الشكل الثالث، أو محمول لمحموله فمن
صفحة ١٥
الرابع، كل ذلك بحسب تعدد اعتبار الشرائط بحسب الكيفية والكمية والجهة، كذا في شرح المطالع. فمعنى قولهم: وهو التكثير من فوق أي من النتيجة لأنها المقصود الأقصى بالنسبة إلى الدليل، وأما التحليل فقد قيل في شرح المطالع: كثيرا ما تورد في العلوم قياسات منتجة للمطالب لا على الهيئات المنطقية، اعتمادا على الفطن العارف بالقواعد، فإن أردت أن تعرف أنه على أي شكل من الأشكال فعليك بالتحليل وهو عكس التركيب فحصل المطلوب فانظر إلى القياس المنتج له، فإن كان فيه مقدمة يشاركها المطلوب بكلا جزئيه فالقياس استثنائي، وإن كانت مشاركة للمطلوب بأحد جزئيه فالقياس اقتراني، ثم انظر إلى طرفي المطلوب فتتميز عندك الصغرى عن الكبرى لأن ذلك الجزء إن كان محكوما عليه في النتيجة فهي الصغرى، أو محكوما به فهي الكبرى، ثم ضم الجزء الآخر من المطلوب إلى الجزء الآخر من تلك المقدمة، فإن تألفا على أحد التأليفات الأربع، فما انضم إلى جزئي المطلوب هو الحد الأوسط، وتتميز لك المقدمات والأشكال، وإن لم يتألفا كان القياس مركبا، فاعمل بكل واحد منهما العمل المذكور، أي ضع الجزء الآخر من المطلوب والجزء الآخر من المقدمة كما وضعت طرفي المطلوب أولا، أي في التقسيم، فلا بد أن يكون لكل منهما نسبة إلى شيء «1» ما في القياس وإلا لم يكن القياس منتجا للمطلوب، فإن وجدت حدا مشتركا بينهما فقد تم القياس، وإلا فكذا تفعل مرة بعد أخرى إلى أن تنتهي إلى القياس المنتج للمطلوب بالذات، وتتبين لك المقدمات والشكل والنتيجة. فقولهم التكثير من أسفل إلى فوق، أي إلى النتيجة انتهى.
وثالثها التحديد أي فعل الحد، أي إيراد حد الشيء، وهو ما يدل على الشيء دلالة مفصلة بما به قوامه بخلاف الرسم فإنه يدل عليه دلالة مجملة، كذا في شرح إشراق الحكمة، وفي شرح التهذيب:
كأن المراد بالحد المعرف مطلقا، وذلك بأن يقال إذا أردت تعريف شيء فلا بد أن تضع ذلك الشيء وتطلب جميع ما هو أعم منه وتحمل عليه بواسطة أو بغيرها، وتميز الذاتيات عن العرضيات، بأن تعد ما هو بين الثبوت أو ما يلزم من مجرد ارتفاعه ارتفاع نفس الماهية ذاتيا، وما ليس كذلك عرضيا، وتطلب جميع ما هو مساو له، فيتميز عندك الجنس من العرض العام، والفصل من الخاصة، ثم تركب أي قسم شئت من أقسام المعرف بعد اعتبار الشرائط المذكورة في باب المعرف. ورابعها البرهان، أي الطريق إلى الوقوف على الحق، أي اليقين إن كان المطلوب نظريا، وإلى الوقوف عليه والعمل به إن كان عمليا، كأن يقال إذا أردت الوصول إلى اليقين فلا بد أن تستعمل في الدليل بعد محافظة شرائط صحة الصورة، إما الضروريات الست، أو ما يحصل منها بصورة صحيحة، وهيئة منتجة، وتبالغ في التفحص عن ذلك، حتى لا يشتبه بالمشهورات والمسلمات والمشبهات وغيرها، بعضها ببعض، وعد الأنحاء التعليمية بالمقاصد أشبه، فينبغي أن تذكر في المقاصد، ولذا ترى المتأخرين كصاحب المطالع «2» يعدون ما سوى التحديد من مباحث الحجة ولواحق القياس، وأما التحديد فشأنه أن يذكر في مباحث المعرف، كذا في شرح التهذيب.
واعلم أنهم إنما اقتصروا على هذه الثمانية لعدم وجدانهم شيئا آخر يعين في تحصيل الفن، ومن وجد ذلك فليضمه إليها، وهذا أمر استحساني لا يلزم من تركه فساد على ما لا يخفى، هكذا في
صفحة ١٦
تكملة الحاشية الجلالية.
واعلم أنهم قد يذكرون وجه الحاجة إلى العلم، ولا شك أنه هاهنا بعينه بيان الغرض منه، وقد يذكرون وجه شرف العلم، ويقولون شرف الصناعة إما بشرف موضوعها، مثل الصياغة فإنها أشرف من الدباغة، لأن موضوع الصياغة الذهب والفضة وهما أشرف من موضوع الدباغة التي هي الجلد «1»، وإما بشرف غرضها، مثل صناعة الطب فإنها أشرف من صناعة الكناسة، لأن غرض الطب إفادة الصحة وغرض الكناسة تنظيف المستراح، وإما بشدة الحاجة إليها كالفقه، فإن الحاجة إليه أشد من الحاجة إلى الطب، إذ ما من واقعة في الكون إلا وهي مفتقرة إلى الفقه، إذ به انتظام صلاح الدنيا والدين، بخلاف الطب، فإنه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الأوقات. والمراد بذلك بيان مرتبة العلم على ما يفهم مما سبق، ويؤيده ما قال السيد السند في شرح المواقف، وأما مرتبة علم الكلام أي شرفه فقد عرفت أن موضوعه أعم الأمور وأعلاها الخ.
العلوم العربية
في شرح المفتاح: اعلم أن علم العربية المسمى بعلم الأدب علم يحترز به عن الخلل في كلام العرب لفظا أو كتابة، وينقسم على ما صرحوا به إلى اثني عشر قسما، منها أصول هي العمدة في ذلك الاحتراز، ومنها فروع.
أما الأصول فالبحث فيها إما عن المفردات من حيث جواهرها وموادها فعلم اللغة، أو من حيث صورها وهيئاتها ف
علم الصرف
، أو من حيث انتساب بعضها إلى بعض بالأصلية والفرعية فعلم الاشتقاق، وإما عن المركبات على الإطلاق، فإما باعتبار هيئاتها التركيبية وتأديتها لمعانيها الأصلية فعلم النحو، وإما باعتبار إفادتها لمعان زائدة على أصل المعنى فعلم المعاني، أو باعتبار كيفية تلك الفائدة في مراتب الوضوح فعلم البيان، وإما عن المركبات الموزونة، فإما من حيث وزنها فعلم العروض، أو من حيث أواخر أبياتها فعلم القافية.
وأما الفروع فالبحث فيها إما أن يتعلق بنقوش الكتابة فعلم الخط، أو يختص بالمنظوم فعلم عروض الشعراء، أو بالمنثور فعلم إنشاء النثر من الرسائل، أو من الخطب، أو لا يختص بشيء منهما فعلم المحاضرات ومنه التواريخ؛ وأما البديع فقد جعلوه ذيلا لعلمي البلاغة لا قسما برأسه.
وفي إرشاد القاصد «2» للشيخ شمس الدين الاكفاني السنجاري «3»: الأدب وهو علم يتعرف منه التفاهم عما في الضمائر بأدلة الألفاظ والكتابة، وموضوعه اللفظ والخط من جهة دلالتهما على
صفحة ١٧
المعاني، ومنفعته إظهار ما في نفس الإنسان من المقاصد وإيصاله إلى شخص آخر من النوع الإنساني، حاضرا كان أو غائبا، وهو حلية اللسان والبنان، وبه تميز ظاهر الإنسان على سائر أنواع الحيوان. وإنما ابتدأت به لأنه أول أدوات الكمال. ولذلك من عري عنه لم يتم بغيره من الكمالات الإنسانية.
وتنحصر مقاصده في عشرة علوم وهي: علم اللغة وعلم التصريف وعلم المعاني وعلم البيان وعلم البديع وعلم العروض وعلم القوافي وعلم النحو وعلم قوانين الكتابة وعلم قوانين القراءة، وذلك لأن نظره إما في اللفظ أو الخط، والأول فإما في اللفظ المفرد أو المركب، أو ما يعمهما.
وأما نظره في المفرد فاعتماده إما على السماع وهو اللغة أو على الحجة وهو التصريف، وأما نظره في المركب فإما مطلقا أن مختصا بوزن، والأول إن تعلق بخواص تراكيب الكلام وأحكامه الإسنادية فعلم المعاني، وإلا فعلم البيان، والمختص بالوزن فنظره إما في الصورة أو في المادة، الثاني علم البديع، والأول إن كان بمجرد الوزن فهو علم العروض، وإلا فعلم القوافي؛ وما يعم المفرد والمركب فهو علم النحو، والثاني فإن تعلق بصور الحروف فهو علم قوانين الكتابة، وإن تعلق بالعلامات فعلم قوانين القراءة. وهذه العلوم لا تختص بالعربية بل توجد في سائر لغات الأمم الفاضلة من اليونان وغيرهم.
واعلم أن هذه العلوم في العربية لم تؤخذ عن العرب قاطبة بل عن الفصحاء البلغاء منهم، وهم الذين لم يخالطوا غيرهم، كهذيل «1» وكنانة «2» وبعض تميم «3» وقيس عيلان «4» ومن يضاهيهم من عرب الحجاز «5» وأوساط نجد «6»؛ فأما الذين صابوا «7» العجم في الأطراف فلم تعتبر لغاتهم
صفحة ١٨
وأحوالها في أصول هذه العلوم، وهؤلاء كحمير «1» وهمدان «2» وخولان «3» والازد «4» لمقاربتهم الحبشة «5» والزنج «6»، وطي «7» وغسان «8» لمخالطتهم الروم بالشام، وعبد القيس «9» لمجاورتهم
صفحة ١٩
أهل الجزيرة «1» وفارس «2»، ثم أتى ذوو العقول السليمة والأذهان المستقيمة ورتبوا أصولها وهذبوا فصولها حتى تقررت على غاية لا يمكن المزيد عليها، انتهى.
علم الصرف
ويسمى بعلم التصريف أيضا، وهو علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب ولا بناء، هكذا قال ابن الحاجب «3». فقوله علم بمنزلة الجنس، لأنه شامل للعلوم كلها، وقوله تعرف بها أحوال أبنية الكلم يخرج الجميع سوى النحو، وقوله ليست بإعراب ولا بناء يخرج النحو.
وفائدة اختيار «تعرف» على «تعلم» تذكر في تعريف علم المعاني. ثم المراد من بناء الكلمة وكذا من صيغتها ووزنها هيئتها التي يمكن أن يشاركها فيها غيرها، وهي عدد حروفها المرتبة، وحركاتها المعينة، وسكونها مع اعتبار حروفها الزائدة والأصلية، كل في موضعه؛ فرجل مثلا على هيئة وصفة يشاركه فيها عضد، وهي كونه على ثلاثة أحرف، أولها مفتوح، وثانيها مضموم، وأما الحرف الأخير فلا تعتبر حركاته وسكونه في البناء، فرجل ورجلا ورجل على بناء واحد، وكذا جمل على بناء ضرب، لأن الحرف الأخير متحرك بحركة الإعراب وسكونه وحركة البناء وسكونه. وإنما قلنا يمكن أن يشاركها لأنه قد لا يشاركها في الوجود كالحبك بكسر الحاء وضم الباء، فإنه لم يأت له نظير، وإنما قلنا حروفها المرتبة لأنه إذا تغير النظم والترتيب تغير الوزن، كما تقول يئس على وزن فعل وأيس على وزن عفل، وإنما قلنا مع اعتبار الحروف الزائدة والاصلية لانه يقال ان كرم مثلا على وزن فعل لا على وزن فعلل [أو أفعل] «4» أو فاعل، مع توافق الجميع في الحركات المعينة والسكون،
صفحة ٢٠