التي ترجع إلى أن الأولى مثبتة للثانية بعضها ناشئة عن الأدلة وبعضها عن الأحكام؛ ف
موضوع ه
ذا العلم هو الأدلة الشرعية والأحكام إذ يبحث فيه عن العوارض الذاتية للأدلة الشرعية، وهي إثباتها للحكم، وعن العوارض الذاتية للأحكام، وهي ثبوتها بتلك الأدلة. وان شئت زيادة التحقيق فارجع إلى التوضيح والتلويح.
علم الفقه
ويسمى هو وعلم أصول الفقه بعلم الدراية أيضا على ما في مجمع السلوك. وهو معرفة النفس ما لها وما عليها، هكذا نقل عن أبي حنيفة. والمراد بالمعرفة إدراك الجزئيات عن دليل، فخرج التقليد، قال المحقق التفتازاني: القيد الأخير في تفسير المعرفة مما لا دلالة عليه أصلا لا لغة ولا اصطلاحا، وقوله: ما لها وما عليها يمكن أن يراد به ما ينتفع به «1» النفس وما يتضرر به «2» في الآخرة، على أن اللام للانتفاع، وعلى للضرر. وفي التقييد بالأخروي احتراز عما ينتفع به أو يتضرر به في الدنيا من اللذات والآلام؛ والمشعر بهذا التقييد شهرة أن علم الفقه من العلوم الدينية. فإن أريد بهما الثواب والعقاب، فاعلم أن ما يأتي به المكلف إما واجب أو مندوب أو مباح أو مكروه كراهة تنزيه أو تحريم أو حرام، فهذه ستة، ولكل واحد طرفان: طرف الفعل وطرف الترك، فصارت اثنتي عشرة؛ ففعل الواجب مما يثاب عليه، وفعل الحرام والمكروه تحريما مما يعاقب عليه، والباقي لا يثاب ولا يعاقب عليه، فلا يدخل في شيء من القسمين. وإن أريد بالنفع الثواب وبالضرر عدمه، ففعل الواجب والمندوب من الأول، والبواقي من الثاني. ويمكن أن يراد بما لها وما عليها ما يجوز لها وما يجب عليها، ففعل ما سوى الحرام والمكروه تحريما وترك ما سوى الواجب يجوز، وفعل الواجب وترك الحرام والمكروه تحريما مما يجب عليها، فبقي فعل الحرام وترك الواجب وفعل المكروه تحريما خارجا عن القسمين. ويمكن أن يراد بهما ما يجوز لها وما يحرم عليها، فيشتملان جميع الأقسام. إذا عرفت هذا فالحمل على وجه لا تكون بين القسمين واسطة أولى.
ثم ما لها وما عليها يتناول الاعتقاديات كوجوب الإيمان ونحوه، والوجدانيات أي الأخلاق الباطنة والملكات النفسانية والعمليات كالصوم والصلاة والبيع ونحوها. فمعرفة ما لها وما عليها من الاعتقاديات هي علم الكلام، ومعرفة ما لها وما عليها من الوجدانيات هي علم الأخلاق والتصوف، كالزهد والصبر والرضا وحضور القلب في الصلاة ونحو ذلك. ومعرفة ما لها وما عليها من العمليات هي الفقه المصطلح. فإن أريد بالفقه هذا المصطلح زيد عملا على قوله ما لها وما عليها. وإن أريد ما يشتمل الأقسام الثلاثة فلا يزاد قيد عملا. وأبو حنيفة إنما لم يزد قيد عملا لأنه أراد الشمول أي أطلق الفقه على العلم بما لها وما عليها، سواء كان من الاعتقاديات أو الوجدانيات أو العمليات، ولذا سمى الكلام فقها أكبر.
وذكر الإمام الغزالي أن الناس تصرفوا في اسم الفقه، فخصوه بعلم الفتاوى والوقوف على دلائلها وعللها. واسم الفقه في العصر الأول كان مطلقا على علم الآخرة، ومعرفة دقائق آفات النفوس، والاطلاع على الآخرة وحقارة الدنيا، ولذا قيل: الفقيه هو الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة،
صفحة ٤٠