فائدة
لأهل الحديث مراتب: أولها الطالب، وهو المبتدئ الراغب فيه، ثم المحدث وهو الأستاذ الكامل، وكذا الشيخ والإمام بمعناه، ثم الحائط «1» وهو الذي أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا وإسنادا، وأحوال رواة «2» جرحا وتعديلا وتاريخا، ثم الحجة وهو الذي أحاط علمه بثلاثمائة ألف حديث كذلك قاله ابن المطري «3». وقال الجزري «4» رحمه الله: الراوي ناقل الحديث بالإسناد والمحدث من تحمل بروايته واعتنى بدرايته، والحافظ من روى ما يصل إليه ووعى ما يحتاج إليه.
وفي إرشاد القاصد للشيخ شمس الدين الاكفاني السنجاري: دراية الحديث علم تتعرف منه أنواع الرواية وأحكامها وشروط الرواية وأصناف المرويات، واستخراج معانيها، ويحتاج إلى ما يحتاج إليه علم التفسير من اللغة والنحو والتصريف والمعاني والبيان والبديع والأصول، ويحتاج إلى تاريخ النقلة، انتهى.
علم أصول الفقه
ويسمى هو وعلم الفقه بعلم الدراية أيضا على ما في مجمع السلوك، وله تعريفان: أحدهما باعتبار الإضافة، وثانيهما باعتبار اللقب، أي باعتبار أنه لقب لعلم مخصوص. وأما
تعريفه
ا باعتبار الإضافة فيحتاج إلى تعريف المضاف وهو الأصول والمضاف إليه وهو الفقه، والإضافة التي هي بمنزلة الجزء الصوري للمركب الإضافي. فالأصول هي الأدلة، إذ الأصل في الاصطلاح يطلق على الدليل أيضا، وإذا أضيف إلى العلم يتبادر منه هذا المعنى، وقيد المراد المعنى اللغوي، وهو ما يبتنى عليه الشيء فإن الابتناء يشتمل الحسي، وهو كون الشيئين حسيين كابتناء السقف على الجدران، والعقلي كابتناء الحكم على دليله. فلما أضيف الأصول إلى الفقه الذي هو معنى عقلي، يعلم أن الابتناء هاهنا عقلي، فيكون أصول الفقه ما يبتنى هو عليه ويستند إليه، ولا معنى لمستند العلم ومبتناه إلا دليله. وأما الفقه فستعرف معناه.
وأما الإضافة فهي تفيد اختصاص المضاف بالمضاف إليه باعتبار مفهوم المضاف إذا كان المضاف مشتقا أو ما في معناه، مثلا دليل المسألة ما يختص بها باعتبار كونه دليلا عليها، فأصول الفقه ما يختص به من حيث إنه مبنى له ومسند إليه، ثم نقل إلى المعنى العرفي اللقبي الآتي ليتناول الترجيح والاجتهاد أيضا. وقيل لا ضرورة إلى جعل أصول الفقه بمعنى أدلته ثم النقل إلى المعنى اللقبي أي العلم بالقواعد المخصوصة، بل يحمل على معناه اللغوي أي ما يبتنى الفقه عليه ويستند إليه ويكون شاملا لجميع معلوماته من الأدلة والاجتهاد والترجيح لاشتراكها في ابتناء الفقه عليها، فيعبر عن
صفحة ٣٧