المقدمة في بيان العلوم المدونة وما يتعلق بها
العلوم المدونة: وهي العلوم التي دونت في الكتب كعلم الصرف والنحو المنطق والحكمة ونحوها.
اعلم أن العلماء اختلفوا؛ فقيل: لا يشترط في كون الشخص عالما بعلم أن يعلمه بالدليل؛ وقيل:
يشترط ذلك حتى لو علمه [أحد] «1» بلا أخذ «2» دليل يسمى حاكيا لا عالما، وإليه يشير كلام المحقق عبد الحكيم «3» في حاشية فوائد الضيائية «4» حيث قال: من قال العلم عبارة عن العلم بالمسائل المدللة جعل العلم بالمسائل المجردة حكاية لمسائل العلوم، ومن قال إنه عبارة عن المسائل جعله علما انتهى.
وبالنظر إلى المذهب الأول ذكر المحقق المذكور في حواشي الخيالي «5» من «6» أن العلم قد يطلق على التصديق بالمسائل، وقد يطلق على نفس المسائل، وقد يطلق على الملكة الحاصلة منها.
وأيضا مما يقال كتبت علم فلان أو سمعته، أو يحصر في ثمانية أبواب مثلا هو المعنى الثاني، ويمكن حمله على المعنى الأول أيضا بلا بعد، لأن تدوين المعلوم بعد تدوين العلم عرفا، وأما تدوين الملكة فمما يأباه الذوق السليم انتهى. وما يقال فلان يعلم النحو مثلا لا يراد به أن جميع مسائله حاضرة في ذهنه، بل يراد به أن له حالة بسيطة إجمالية هي مبدأ لتفاصيل مسائله، بها يتمكن من استحضارها، فالمراد بالعلم المتعلق بالنحو هاهنا هو الملكة وإن كان النحو عبارة عن المسائل، هكذا يستفاد من المطول وحواشيه «7».
صفحة ٣