على أن الوجوه المحسنة البديعية لا تحسن بدون البلاغة، وإلا لكان كتعليق الدرر على أعناق الخنازير. فقوله بعد متعلق بالمصدر وهو التحسين، وللتنبيه على أنه يجب تأخير علم البديع عن المعاني والبيان، وأنها تورث حسنا عرضيا غير داخل في حد البلاغة، وأنها إنما تكون من البديع إذا لم يقتض الحال لها إذ لو اقتضاها الحال لم تكن تابعة للبلاغة. ولذا ذكر في شرح المفتاح وأما البديع فقد جعلوه ذيلا لعلمي البلاغة لا قسما برأسه من أقسام العلوم العربية على ما سبق. هذا خلاصة «1» ما في المطول وحواشيه. وموضوعه اللفظ البليغ من حيث أن له توابع.
بيان الغرض من تلك العلوم:
اعلم أن البلاغة سواء كانت في الكلام أو في المتكلم رجوعها إلى امرين: أحدهما الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد، أي ما هو مراد البليغ من الغرض المصوغ له الكلام كما هو المتبادر من إطلاق المعنى المراد في كتب علم البلاغة، فلا يندرج فيه الاحتراز عن التعقيد المعنوي كما توهمه البعض، ولا الاحتراز عن التعقيد مطلقا. والثاني تمييز الفصيح عن غيره، ومعرفة أن هذا الكلام فصيح وهذا غير فصيح، فمنه ما يبين في علم متن اللغة أو التصريف أو النحو أو يدرك بالحس، وهو أي ما يبين في هذه العلوم ما عدا التعقيد المعنوي، فمست الحاجة للاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد إلى علم، والاحتراز عن التعقيد المعنوي إلى علم آخر، فوضعوا لهما علمي المعاني والبيان، وسموهما علم البلاغة لمزيد اختصاص لهما بها، ثم احتاجوا لمعرفة ما يتبع البلاغة من وجوه التحسين إلى علم آخر، فوضعوا له علم البديع، فما يحترز به عن الأول أي الخطأ في التأدية علم المعاني، وما يحترز به عن الثاني أي التعقيد المعنوي علم البيان، وما يعرف به وجوه التحسين علم البديع.
علم العروض
وهو علم تعرف به كيفية الأشعار من حيث الميزان والتقطيع، والقيد الأخير احتراز عن
علم القافية
. وموضوعه اللفظ المركب من حيث أن له وزنا.
علم القافية:
وهو علم تعرف به كيفية الأشعار من حيث التقفية، والقيد الأخير احتراز عن علم العروض.
وموضوعه اللفظ المركب من حيث أن له قافية.
العلوم الشرعية
وتسمى العلوم الدينية، وهي العلوم المدونة التي تذكر فيها الأحكام الشرعية العملية أو الاعتقادية، وما يتعلق بها تعلقا معتدا به، ويجيء تحقيقه في الشرع، وهي أنواع فمنها.
صفحة ٢٨