في حواشي الإرشاد. فعدهم الصرف من أجزاء النحو بناء على كونه من مبادئ النحو لأنه يتوقف عليه مسائل النحو، أي التصديق بها، وهذا كما عد صاحب مختصر الأصول «1» علم الكلام والعلوم العربية من مبادئ أصول الفقه لتوقف مسائله عليهما تصورا أو تصديقا، وإن شئت توضيح هذا فارجع إلى شرح مختصر الأصول وحواشيه.
وموضوع النحو اللفظ الموضوع مفردا كان أو مركبا، وهو الصواب، كذا قيل؛ يعني موضوع النحو اللفظ الموضوع باعتبار هيئته التركيبية وتأديتها لمعانيها الأصلية لا مطلقا، فإنه موضوع العلوم العربية على ما مر قبل هذا. وقيل الكلمة والكلام، وفيه أنه لا يشتمل المركبات الغير الإسنادية مع أنها أيضا موضوع النحو. وقيل هو المركب بإسناد أصلي، وفيه أنه لا يشتمل الكلمة والمركبات الغير الإسنادية؛ ومباديه حدود ما تبتنى عليه مسائله كحد المبتدأ والخبر ومقدمات حججها، أي أجزاء علل المسائل، كقولهم في حجة رفع الفاعل إنه أقوى الأركان، والرفع أقوى الحركات؛ ومسائله الأحكام المتعلقة بالموضوع، كقولهم الكلمة إما معرب أو مبني، أو جزئه كقولهم آخر الكلمة محل الإعراب، أو جزئيه كقولهم الاسم بالسببين يمتنع عن الصرف، أو عرضه كقولهم الخبر إما مفرد أو جملة، أو خاصته كقولهم الإضافة تعاقب التنوين ولو بواسطة، أو وسائط، أي ولو كان تعلق الأحكام بأحد هذه الأمور ثابتا بواسطة أو وسائط كقولهم الأمر يجاب بالفاء، فالأمر جزئي من الإنشاء والإنشاء جزئي من الكلام، والغرض منه الاحتراز عن الخطأ في التأليف والاقتدار على فهمه والإفهام به، هكذا في الإرشاد وحواشيه وغيرها.
علم المعاني
وهو علم تعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق اللفظ لمقتضى الحال، هكذا ذكر الخطيب «2» في التلخيص «3». فالعلم جنس يشتمل جميع العلوم المدونة. ثم إنه إن حمل العلم على الأصول والقواعد والإدراك المتعلق بها فعدم شموله لعلم أرباب السليقة ظاهر، لأنهم لا يعلمون القواعد مفصلة، وإن كانوا يعتبرون مقتضياتها في المواد بسليقتهم، وإن حمل على الملكة فعدم شموله لعلمهم بناء على أن الملكة إنما تحصل من إدراك القواعد مرة بعد أخرى، وعدم شموله على التقدير الأول لعلم الله تعالى وعلم جبرائيل غير ظاهر. وأما على التقدير الثاني، أي على تقدير حمله
صفحة ٢٤