الرابع، كل ذلك بحسب تعدد اعتبار الشرائط بحسب الكيفية والكمية والجهة، كذا في شرح المطالع. فمعنى قولهم: وهو التكثير من فوق أي من النتيجة لأنها المقصود الأقصى بالنسبة إلى الدليل، وأما التحليل فقد قيل في شرح المطالع: كثيرا ما تورد في العلوم قياسات منتجة للمطالب لا على الهيئات المنطقية، اعتمادا على الفطن العارف بالقواعد، فإن أردت أن تعرف أنه على أي شكل من الأشكال فعليك بالتحليل وهو عكس التركيب فحصل المطلوب فانظر إلى القياس المنتج له، فإن كان فيه مقدمة يشاركها المطلوب بكلا جزئيه فالقياس استثنائي، وإن كانت مشاركة للمطلوب بأحد جزئيه فالقياس اقتراني، ثم انظر إلى طرفي المطلوب فتتميز عندك الصغرى عن الكبرى لأن ذلك الجزء إن كان محكوما عليه في النتيجة فهي الصغرى، أو محكوما به فهي الكبرى، ثم ضم الجزء الآخر من المطلوب إلى الجزء الآخر من تلك المقدمة، فإن تألفا على أحد التأليفات الأربع، فما انضم إلى جزئي المطلوب هو الحد الأوسط، وتتميز لك المقدمات والأشكال، وإن لم يتألفا كان القياس مركبا، فاعمل بكل واحد منهما العمل المذكور، أي ضع الجزء الآخر من المطلوب والجزء الآخر من المقدمة كما وضعت طرفي المطلوب أولا، أي في التقسيم، فلا بد أن يكون لكل منهما نسبة إلى شيء «1» ما في القياس وإلا لم يكن القياس منتجا للمطلوب، فإن وجدت حدا مشتركا بينهما فقد تم القياس، وإلا فكذا تفعل مرة بعد أخرى إلى أن تنتهي إلى القياس المنتج للمطلوب بالذات، وتتبين لك المقدمات والشكل والنتيجة. فقولهم التكثير من أسفل إلى فوق، أي إلى النتيجة انتهى.
وثالثها التحديد أي فعل الحد، أي إيراد حد الشيء، وهو ما يدل على الشيء دلالة مفصلة بما به قوامه بخلاف الرسم فإنه يدل عليه دلالة مجملة، كذا في شرح إشراق الحكمة، وفي شرح التهذيب:
كأن المراد بالحد المعرف مطلقا، وذلك بأن يقال إذا أردت تعريف شيء فلا بد أن تضع ذلك الشيء وتطلب جميع ما هو أعم منه وتحمل عليه بواسطة أو بغيرها، وتميز الذاتيات عن العرضيات، بأن تعد ما هو بين الثبوت أو ما يلزم من مجرد ارتفاعه ارتفاع نفس الماهية ذاتيا، وما ليس كذلك عرضيا، وتطلب جميع ما هو مساو له، فيتميز عندك الجنس من العرض العام، والفصل من الخاصة، ثم تركب أي قسم شئت من أقسام المعرف بعد اعتبار الشرائط المذكورة في باب المعرف. ورابعها البرهان، أي الطريق إلى الوقوف على الحق، أي اليقين إن كان المطلوب نظريا، وإلى الوقوف عليه والعمل به إن كان عمليا، كأن يقال إذا أردت الوصول إلى اليقين فلا بد أن تستعمل في الدليل بعد محافظة شرائط صحة الصورة، إما الضروريات الست، أو ما يحصل منها بصورة صحيحة، وهيئة منتجة، وتبالغ في التفحص عن ذلك، حتى لا يشتبه بالمشهورات والمسلمات والمشبهات وغيرها، بعضها ببعض، وعد الأنحاء التعليمية بالمقاصد أشبه، فينبغي أن تذكر في المقاصد، ولذا ترى المتأخرين كصاحب المطالع «2» يعدون ما سوى التحديد من مباحث الحجة ولواحق القياس، وأما التحديد فشأنه أن يذكر في مباحث المعرف، كذا في شرح التهذيب.
واعلم أنهم إنما اقتصروا على هذه الثمانية لعدم وجدانهم شيئا آخر يعين في تحصيل الفن، ومن وجد ذلك فليضمه إليها، وهذا أمر استحساني لا يلزم من تركه فساد على ما لا يخفى، هكذا في
صفحة ١٦