مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وخصصه بروائع الإحسان، وميزه بالعقل الغريزي وأتم العرفان. والصلاة على من وجوده رحمة للعالمين، محمد رسول الملائكة والثقلين أجمعين، أفضل مجموع الملائكة والمرسلين، وعلى آله وأصحابه الذين بهم طلع شمس الحق وأشرق وجه الدين، واضمحل ظلام الباطل، ولمع نور اليقين.
وبعد، يقول العبد الضعيف محمد على «1» بن شيخ علي بن قاضي محمد حامد بن مولانا أتقى العلماء محمد صابر الفاروقي السني الحنفي التهانوي ان أكثر ما يحتاج به في تحصيل العلوم المدونة والفنون المروجة إلى الأساتذة هو اشتباه الاصطلاح، فإن لكل [علم] «2» اصطلاحا خاصا به إذا لم يعلم بذلك لا يتيسر للشارع فيه الاهتداء إليه سبيلا، وإلى انغمامه «3» دليلا.
فطريق علمه إما الرجوع إليهم أو إلى الكتب التي جمع فيها اللغات المصطلحة كبحر الجواهر «4» وحدود الأمراض «5» في علم الطب واللطائف الأشرفية «6» ونحوه في علم التصوف، ولم أجد كتابا حاويا لاصطلاحات جميع العلوم المتداولة بين الناس وغيرها. وقد كان يختلج في صدري أوان التحصيل أن أؤلف كتابا وافيا لاصطلاحات جميع العلوم، كافيا للمتعلم من الرجوع إلى الأساتذة العالمين بها كي لا يبقى حينئذ للمتعلم بعد تحصيل العلوم العربية حاجة إليهم إلا من حيث السند عنهم تبركا وتطوعا.
فلما فرغت من تحصيل العلوم العربية والشرعية من حضرة جناب أستاذي ووالدي شمرت عن ساق الجد إلى اقتناء ذخائر العلوم الحكمية الفلسفية من الحكمة الطبعية «7» والإلهية والرياضية كعلم الحساب والهندسة والهيئة والاسطرلاب ونحوها، فلم يتيسر تحصيلها من الأساتذة، فصرفت شطرا من الزمان إلى مطالعة مختصراتها الموجودة عندي فكشفها الله تعالى علي، فاقتبست منها المصطلحات أوان المطالعة وسطرتها على حدة، في كل باب باب يليق بها على ترتيب حروف التهجي كي يسهل استخراجها لكل أحد، وهكذا اقتبست من سائر العلوم فحصلت في بضع سنين
صفحة ١