والقسم الثالث: وهوالقلب لإبطال مذهب الخصم التزاما . مثاله: أن يقول الحنفي في الإستدلال على صحة بيع الشيء الغائب، بالقياس على النكاح: عقد معاوضة فيصح مع الجهل بأحد العوضين، كالنكاح. فيقول الشافعي: فلا يشترط فيه خيار الرؤية، كالنكاح . ووجهه أن من قال بصحة بيع المجهول، قال بخيار الرؤية، فخيار الرؤية لازم للصحة، فقد علق الخصم على علة المستدل ما يبطل مذهبه بالإلتزام، لأنه علق عليها إبطال اللازم _ وهو خيار الرؤية - وانتفائه. وهو يلزم منه انتفاء الصحة، لأنه إذا انتفى اللازم انتفى الملزوم. والصحيح أن القلب بأقسامه راجع إلى المعارضة، لأنها دليل يثبت به خلاف حكم المستدل، والقلب كذلك. فيكون مقبولا كهي. بل هو أولى بالقبول منها، لأن قصد هدم الدليل فيه بأدائه إلى التناقض أظهر منه فيها، ولأنه أيضا مانع للمستدل من الترجيح لدليله، لأن الترجيح إنما يتصور بين دليلين، وهاهنا دليل مذهب المستدل، ومذهب المعترض واحد. والله أعلم.
صفحة ١١٢