أو يقول المستدل: هذه ضرورية نفسية، أي: تعود إلى النفس، وتلك المفسدة حاجية . مثال ذلك: أن يقول المستدل على جواز بيع الحاكم طعام المحتكر، بالقياس على الشفعة: أخذ مال كرها لدفع ضرر عام، فيجوز، كالإكراه في الشفعة . فيقول المعترض: إنه يعارض هذه المصلحة _ أعني _ دفع الضرر العام، وجود مفسدة، وهي أخذ طعام الغير مع حاجته إليه . فيجيب المستدل: بأن المصلحة تعود إلى حفظ النفس، وهذه المفسدة حاجية، وضرورة النفس أرجح من الحاجية . ونحو ذلك مما ترجح به المصلحة على المفسدة بحسب خصوص المسائل كثير.
الإعتراض ((الحادي عشر (1))كون الوصف المعلل به خفيا غير ظاهر .
وجوابه: أن يأتي المستدل بصفة ظاهرة تدل عليه عادة. مثاله: أن يقول المستدل على وجوب القصاص في القتل: قتل عمد عدوان، فيجب القصاص . فيقول المعترض: وصف العمدية خفي، لأن القصد وعدمه أمر نفسي لا يدرك شيء منه، ولا شك أن الخفي لا يعرف في نفسه، فكيف يعرف به غيره . فيأتي المستدل بما يلائم ذلك ويدل عليه، من أفعال مخصوصة يقضي العرف عليها بكونها عمدا، كاستعمال الجارح في المقتل. فيقول: استعمال الجارح في المقتل يدل على العمد . وكأن يقول المستدل على صحة البيع: عقد بيع وقع من راض فيصح . فيقول المعترض: الرضى في العقود أمر خفي، إذ هو أمر نفسي لا يدرك منه شيء . فيأتي المستدل بما يلائم ذلك ويدل عليه، فيقول: صيغة العقد تدل على الرضى.
صفحة ٩٦