أفلت من انشوطة [1] وكان رجلا داهية، علم أنه سيكون له شأن فطلب منه أمانا، وقال لأبي بكر: أجب الذين يسألونك عنا في الطريق فإنه لا يجوز لي أن أكذب. فكان إذا سئل أبو بكر ما أنت؟ قال: أنا باغ [2]، فإذا قيل من الذي معك؟ قال: هاد [3] يهديني.
ومنها حديث الغار وكان قريبا من مكة كان يعتوره الناس [4] ويأوى إليه الرعاء [5]، فخرجوا في طلبه فأعماهم الله عنه وحمى نبيه من كيدهم ومكرهم وهم دهاة العرب وأصحاب تلك الأرض والعارفون بسبلها [6] ومخارمها [7] كما قيل أهل مكة أعرف بشعابها [8]. وفي ذلك يقول السيد الحميري رحمه الله:
حتى إذا قصدوا لباب مغارة
ألفوا [9] عليه مثل نسج العنكب [10]
صنع الإله لهم فقال فريقهم
ما في المغار لطالب من مطلب
ميلوا وصدهم المليك ومن يرد
عنه الدفاع مليكه لم يعطب
وبعث الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار، وأقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم وسيوفهم حتى إذا كانوا منه بمقدار أربعين ذراعا تعجل رجل لينظر في الغار، فرجع فقالوا: مالك لا تنظر في الغار؟ فقال: رأيت بفمه حمامتين، وسمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما قال فدعا لهن.
ومنها كلام الذئب وذلك أن رجلا [11] كان في غنمه فأخذ منه الذئب شاة فأقبل يعدو خلفه فطرحها، وقال بلسان فصيح: تمنعني رزقا ساقه الله إلي؟! فقال الرجل: يا
صفحة ٤٩