خوف أن تقتادكم العجلة، وسوء الرأي، وجهل المعرفة، إلى حصر القمة، وجز الساعد، فيتحمل كل امرئ صبابة على أخيه، مستأصلا على قطع الرأس بحيث قطع، يستأصل به باسقات فروعه، قطعا يردع الجهل قد يف الكبد، وتنغلق اللسان المقددة البعيدة أفواقها، ويكف ويقرع المهادن جمة الدجن، ويظهر فصبه من السهم، والريح الحواصن، وهو مضمر مستودع أنفاسها، فإذا كان كذلك، طاش حلم الأريب، وضل رأي المصيب، واتسع فرى التسوية، ووشل ترح العرب، واتصل لحام الفتن، وقيل: قد ضاق الطريق، وهنالك يغلب الأمر آمره، ويملك السهم فصده، ويقتر الحجر شديخه، ويستر كل مرئ ما دفن.
يا بنى خزاعة، إن بني أبيكم حملوا إليكم فيمة عبد رمته المنية عن يد الخطأ، فوافق أجله، فلو كان عن إرصاد طالب، كان عهدا، وقد أبيتم قبول ما هو سنة العرب، لتعظم نيران الهنبثة، فتكون هامة تهتف العرب بشؤمها، وقد حكمت عليكم بقبول قمته، وعلى بني عذرة بدفع ذلك إليكم، فمن أمحكه اللجاج، وترك ما حكمت به عليه، فأنا حلف عليه، ومادة عدوه إليه، حتى يحتقبها السفر، وترفل بها خوص الركاب إلى حكام العرب، فتصير مثالا.
آيها الناس، الحلم شرف، والصبر ظفر، والجود سؤدد، والمعروف كنز، والحرب خدعه، والأيام دول، والدهر عبر، (13) والمرء منسوب إلى فعله، مأخود بعمله، فاستشعروا الصبر، يجزكم الفوز، ودعوا الفضول، تجانبكم السفهاء، وأكرموا الجليس، يعمر ناديكم، وعليكم بمكارم الأخلاق فإنها رفعة، وإياكم والأخلاق الدنيئة، فإنها تضع الشرف، وتهدم المجد، ألا وقد أنبأت مخافة المستعجم، فلرب بعير مستعد التسعين، سليم الشوى، بعيد الخطو، وقمة برع الرياضة، وتخلص هادية، جيد الجرير، فاثقب مدمجه، رضيض إلا ما عز،
صفحة ٩٣