وصمت وهو يتفرس في وجهي بحدة ثم قال: أجيبي تحت شرط ألا ترجعي للحجة البالية؛ حجة كيف تشكون فينا ونحن أبناء الثورة إلخ ... إلخ.
فقلت له وأنا يائسة تماما من إقناعه: لسنا شيوعيين وأقسم لك على ذلك.
فتمتم بغموض: يا للخسارة!
ورميت في الزنزانة معرضة لعذاب مهين لا تقدر أذاه إلا امرأة فكان علي أن أحيا وأنام وآكل وأقضي الحاجة في مكان واحد!
فغمغمت بأسى: لا. - وكنت عرضة في أي لحظة لأن ينظر إلي الحارس من خلال منفذ في الباب، ويتفرج علي ساخرا، هل تدرك معنى ذلك؟ - نعم للأسف! - وذات يوم استدعيت إلى مكتب خالد صفوان في أثناء التحقيق مع إسماعيل، ولما رأيته في ذله ويأسه طفرت الدموع إلى عيني، ولعنت من صميم قلبي الدنيا، ولكنني لم أبق هناك إلا ريثما هددوه بتعذيبي، ثم رجعت إلى زنزانتي القذرة لأبكي طويلا، ولأتعذب يوما بعد يوم.
واستدعيت مرة أخرى إلى حجرة خالد صفوان فقال لي: أرجو أن تكوني راضية عن ضيافتنا.
فقلت بجرأة: كل الرضا يا سيدي، شكرا لكم. - ها هو صديقك قد اعترف بشيوعيته!
فهتفت: تحت تأثير تهديدكم. - ولكنه حقيقي بصرف النظر عن الوسيلة. - قطعا لا يا سيدي، إنها لفظاعة!
فقال بغموض: إنها لروعة! - روعة؟!
فقال وهو يشير بيده إشارة خاصة: سنرى!
صفحة غير معروفة