عضوا ممسوحا غير محدود وهو الراس وعطفه عليه من الارجل بممسوح محدود فتقابلت الجملتان من حيث عطف فيهما مغسول محدود على مغسول وغير محدود وممسوح محدود على ممسوح غير محدود فاما من ذهب الى التخيير وقال انا مخير في ان امسح الرجلين واغسلهما لأن القراءتين تدل على الامرين كليهما مثل الحسن البصري والجبائي ومحمد بن جرير الطبري ومن وافقهم فيسقط قولهم بما قدمناه من ان القراءتين لا يصح ان تدلا إلا على المسح وانه لا حجة لمن ذهب الى الغسل وإذا وجب المسح بطل التخيير وقد احتج الخصوم لمذهبهم من طريق القياس فقالوا ان الارجل عضو يجب فيه الدية امرنا بايصال الماء إليه (فوجب ان يكون مغسولا كاليدين وهذا احتجاج باطل وقياس فاسد لأن الراس عضو يجب فيه الدية وقد امرنا بايصال الماء إليه) وهو مع ذلك ممسوح ولو تركنا والقياس لكان لنا منه حجة هي اولى من حجتهم وهي ان الارجل عضو من اعضاء الطهارة الصغرى يسقط حكمه في التيمم فوجب ان يكون فرضه المسح دليله الراس فإن قالوا هذا ينتقض عليكم بالجنب لان غسل جميع بدنه واعضائه يسقط في التيمم وفرضه مع ذلك الغسل وقد احترزنا من هذا بقولنا ان الارجل عضو من اعضاء الطهارة الصغرى فلا يلزمنا بالجنب نقض على هذا فإن قال قائل فما تصنعون في الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه واله انه توضأ فغسل وجهه وذراعيه ثم مسح راسه وغسل رجليه وقال هذا وضوء الانبياء من قبلي هذا الذي لا تقبل الصلاة إلا به قيل هذا الخبر الذي ذكرته مختلط من وجهين رواهما اصحابك احدهما ان النبي صلى الله عليه واله توضأ مرة مرة وقال هذا الذي لا يقبل الله صلاة إلا به ولم يات في الخبر كيفية الوضوء والاخر ان النبي صلى الله عليه واله غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح راسه وغسل رجليه الى الكعبين فقال هذا وضوئي ووضوء الانبياء من قبلي ولم يقل لم يقبل الله صلاة إلا به فخلطت روايتك أحد الخبرين بالاخر لبعدك من معرفة الاثر وبعد فلو كانت الرواية على ما اوردته لم يكن لك فيها حجة لأن الخبر إذا خالف ما دل عليه القرآن وجب اطراحه والمصير الى القرآن دونه ولو سلمنا لك باللفظ الذي تذكره بعينه كان لنا ان نقول ان النبي صلى الله عليه واله مسح رجليه في وضوئه ثم غسلهما بعد المسح لتنظيف أو تبريد أو نحو ذلك مما ليس هو داخلا في الوضوء فذكر الراوي الغسل ولم يذكر المسح الذي كان قبله أما لانه لم يشعر به لعدم تأمله أو لنسيان اعترضه أو لظنه ان المسح لا حكم له وان الحكم للغسل الذي بعده أو لغير ذلك من الاسباب وليس هذا بمحال فإن قال فقد روى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم انه قال ويل للاعقاب من النار فلو كان ترك غسل العقب في الوضوء جائزا لما توعد على ترك غسله قلنا ليس في هذا الخبر ذكر مسح ولا غسل فيتعلق به ولا فيه ايضا ذكر وضوء فنورده لنحتج به وليس فيه اكثر من قوله ويل للاعقاب
--- [ 69 ]
صفحة ٦٨