الكامل المنير(المقدمة + الجزء الأول)

الإمام القاسم الرسي عليه السلام ت. 246 هجري
93

الكامل المنير(المقدمة + الجزء الأول)

فقد أخبر تبارك وتعالى أنه قد أكمل الدين فقال:{اليوم أكملت لكم دينكم}(2)[المائدة/3]، والحكم في النوازل من الدين، فزعموا أنهم لم يجدوا من النوازل في كتابه ولا سنة نبيه عليه وآله السلام حكما منصوصا، فأي كمال أكمل الدين في قولهم، وهو في كل وقت يحتاج إلى من يزيد فيه حكما من عند نفسه في نازلة؟!.

فلو جهدت اليهود، والنصارى، والذين أشركوا على أن يطعنوا على الله وعلى رسوله ببعض ما طعنت به الخوارج ومن قال بمقالتهم ما قدروا على ذلك، ولا أحد يقدم على هذه الفضيحة العظيمة في الإسلام، فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، فقد أتقن عز وجل أمره، وأنفد حكمه، فما ترك لأحد منهم ولا من غيرهم من جميع الخلق مقالا، وهو يقول:{ولا يشرك في حكمه أحدا}[الكهف/26].

الجواب في الصلاة

وزعمت الخوارج ومن قال بمقالتهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يستخلف أحدا، ولم يوص إلى أحد؛ ولكنه أمر أبا بكر بالصلاة فاختاره - زعموا - لدينهم، واختاره المسلمون لدنياهم.

وزعموا أن الصلاة عمود الدين، فنظرنا(1) فإذا الأشياء كلها الدين والدنيا لا ثالث لهما:

فأما الدين: فالعمل للآخرة بما أمر الله به من أداء جميع الفرائض من الصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

وأما الدنيا: فمتاع الغرور كما سمى الله في كتابه:{لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون}[العنكبوت/64]، فاختاره - زعمتم - رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لصنف من الدين للصلاة لا لغيرها.

فسل(2) الخوارج ومن قال بمقالتهم: إن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تزيدوا ولا تنقصوا؛ لأنه الرسول إليكم، والأمر لكم، لستم المرسلين إليه والآمرين له، واتركوا ما ترك.

صفحة ٩٣