حدث السن له جلالة وهيبة فلما نظر إليه أبي قام فمشى إليه خطى ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم ولا بالقواد ولا بأولياء العهد فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه ومنكبيه وأخذ بيده فأجلسه على مصلاه الذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلا عليه بوجهه وجعل يكلمه ويكنيه ويفديه بنفسه وبأبويه وأنا متعجب مما أرى منه إذ دخل عليه الحجاب فقالوا الموفق قد جاء وكان الموفق إذا جاء ودخل على أبي تقدم حجابه وخاصة قواده فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين إلى أن يدخل ويخرج فلم يزل أبي مقبلا عليه يحدثه حتى نظر إلى غلمان الخاصة فقال حينئذ إذا شئت فقم جعلني الله فداك يا أبا محمد ثم قال لغلمانه خذوا به خلف السماطين كيلا يراه الأمير يعني الموفق فقام وقام أبي فعانقه وقبل وجهه ومضى فقلت لحجاب أبي وغلمانه ويلكم من هذا الذي فعل به أبي هذا الذي فعل فقالوا هذا رجل من العلوية يقال له الحسن بن علي يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا فلم أزل يومي ذلك قلقا متفكرا في أمره وأمر أبي وما رأيت منه حتى كان الليل وكانت عادته أن يصلي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج إليه من المؤامرات وما يرفعه إلى السلطان فلما صلى وجلس جئت فجلست بين يديه فقال يا أحمد ألك حاجة فقلت نعم يا أبت إن أذنت سألتك عنها فقال قد أذنت لك يا بني فقل ما أحببت فقلت له يا أبت من كان الرجل الذي أتاك بالغداة وفعلت به ما فعلت من الإجلال والإكرام والتبجيل وفديته بنفسك وبأبويك فقال يا بني ذاك إمام الرافضة ذاك ابن الرضا فسكت ساعة فقال يا بني لو زالت الخلافة عن خلفاء بني العباس ما استحقها
صفحة ٤١