المثوبة وما زاد في المثوبة إلا كشف عن الرحمة ودل على الجلالة فصح الخبر أن فيه تأييد الحكمة وتبليغ الحجة.
وفي قول الله عز وجل وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة حجة في غيبة الإمام(ع)من أوجه كثيرة أحدها أن الغيبة قبل الوجود أبلغ الغيبات كلها وذلك أن الملائكة ما شهدوا قبل ذلك خليفة قط وأما نحن فقد شاهدنا خلفاء كثيرين غير واحد قد نطق به القرآن وتواترت به الأخبار حتى صارت كالمشاهدة والملائكة لم يشهدوا واحدا منهم فكانت تلك الغيبة أبلغ وآخر أنها كانت غيبة من الله عز وجل وهذه الغيبة التي للإمام(ع)هي من قبل أعداء الله تعالى فإذا كان في الغيبة التي هي من الله عز وجل عبادة لملائكته فما الظن بالغيبة التي هي من أعداء الله وفي غيبة الإمام(ع)عبادة مخلصة لم تكن في تلك الغيبة وذلك أن الإمام الغائب(ع)مقموع مقهور مزاحم في حقه قد غلب قهرا وجرى على شيعته قسرا من أعداء الله ما جرى من سفك الدماء ونهب الأموال وإبطال الأحكام والجور على الأيتام وتبديل الصدقات وغير ذلك مما لا خفاء به ومن اعتقد موالاته شاركه في أجره وجهاده وتبرأ من أعدائه وكان له في براءة مواليه من أعدائه أجر وفي ولاية أوليائه أجر يربو على أجر ملائكة الله عز وجل على الإيمان بالإمام المغيب في العدم وإنما قص الله عز وجل نبأه قبل وجوده توقيرا وتعظيما له ليستعبد له الملائكة ويتشمروا لطاعته وإنما مثال ذلك تقديم الملك فيما بيننا بكتاب أو رسول إلى أوليائه أنه قادم عليهم حتى يتهيئوا لاستقباله وارتياد الهدايا له ما يقطع به ومعه عذرهم في تقصير إن قصروا في خدمته كذلك بدأ الله عز وجل بذكر نبئه إبانة عن جلالته ورتبته وكذلك قضيته في السلف والخلف فما قبض خليفة إلا عرف خلقه الخليفة الذي يتلوه وتصديق
صفحة ١٢