على عليته تعالى بقوله ?ولكم في القصاص حيوة?[البقرة 179]
وإنما قال الجناية ولم يقل القتل كما قال غيره لأنه أشمل
[وجه تقسيم طرق العلة إلى أربع]
وإنما كانت هذه الأربع طرق العلة أما النص وتنبيه النص فلأن الشارع إذا نص على العلة أو نبه عليها فلا يحتاج إلى سؤاله عن دليل على ذلك كما لا يحتاج في سائر الأحكام لأن قوله دليل إذ قد علمنا صدقه بظهور المعجر وأما الإجماع فلأن قول أهله كقول الشارع لما ثبت من الدليل على ان قولهم حجة وأما حجة الإجماع والمناسبة فللإجماع على أنه لا بد للحكم من علة في الجملة وقد تعينت العلة بهما فيجب اعتبارها كما سبق.
(و) اعلم أن المصلحة التي كان الوصف لأجلها مناسبا إذا لزم من وجود حكمها وجود مفسدة مرجوحة لا تنخرم اتفاقا لشدة اهتمام الشارع برعاية المصالح وابتناء الأحكام عليها واختار الجمهور أنها (تنخرم المناسبة) بين العلة والحكم (بلزوم مفسدة) من إثبات الحكم بها (راجحة) تلك المفسدة على المصلحة (أو مساوية لها) لقضاء العقل بانتفاء المصلحة حينئذ بالضرورة ولذا لا يعد العقلاء تحصيل درهم واحد على وجه يستلزم فوات مثله أو أكثر مناسبا بل يعدون المتصرف بذلك خارجا بتصرفه عن تصرف العقلاء كمن قال لعاقل بع هذا تربح مثل ما تخسر أو أقل منه ومن أمثلته ما يقال فيمن غص بلقمة مثلا وخشي التلف ولم يجد ما يسوغها به إلا الخمر فإن في تحريمها مناسبة لحفظ العقل كما تبين ولكن يلزم من المناسبة حصول مفسدة وهي هلاكه لو لم يشربها وهذه مفسدة أرجح من المصلحة إذ حفظ النفس أولى من حفظ العقل.
صفحة ٢٠٨