الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا: مع دراسة تطبيقية على الشرق الأوسط
تصانيف
ولعل أهم ما يمكن أن نفسره من تغيرات آراء ماكيندر في 1943 عنها في 1904، 1919 أنه نقل الأهمية الجيوبوليتيكية للهرتلاند من مجرد الاعتماد على الموقع والتكتل الأرضي وسهولة الحركة للقوى القارية إلى الاعتماد على الناس والعمران والموارد والخطوط الخلفية للحركة.
وفي الحقيقة لا نجد نظرية فرد واحد قد أثارت العرض والنقد الذي أثارته نظرية ماكيندر خلال هذا القرن، لكن ما هي قيمة نظرية ماكيندر الفعلية في هذا الخضم من التغيرات الاستراتيجية والنظريات الجيوبوليتيكية؟
في كثير من الآراء التي تعرضت مؤخرا لماكيندر أن الهرتلاند ليس مؤهلا لحكم العالم تأهيلا تاما، فإلى جانب مزايا الهرتلاند والحركة نجد أن توسط الهرتلاند يجعله عرضة لائتلاف الهوامش ويركز الضرب عليه كهدف محدد بواسطة الأسلحة الجوية الحديثة؛ أي أن توسط الهرتلاند له مزاياه وعيوبه.
لكن إلى جانب هذه النقطة الاعتراضية فإننا نجد اعترافا صريحا من جانب واضعي الاستراتيجيات الحديثة في الدول الغربية والأطلنطية بأن ماكيندر كان على حق في آرائه، فأولا لم تتمكن ألمانيا من السيطرة على الأراضي الحاجزة بين الجرمان والسلاف، وأصبحت هذه الأراضي من البلطيق إلى البلقان كلها في دائرة النفوذ السوفيتي المؤهل - بحكم موقعه في الهرتلاند - لحكم هذه الأراضي، وأصبح الاستراتيجيون الغربيون ينظرون إلى العالم اليوم نظرة ماكيندر إليه طوال النصف الأول من هذا القرن، ومن ثم فإن الاستراتيجية الغربية بأحلافها العديدة - حلف شمال الأطلنطي، الحلف المركزي، حلف جنوب شرق آسيا - ما هي إلا محاولات من جانب هذه الاستراتيجية لتطويق القوى السوفيتية، وبعبارة أخرى؛ محاولة لاستخدام الهامش لتطويق الهرتلاند، محاولة لمنع الهرتلاند السوفيتي من السيطرة العالمية.
وبعد كل ما قيل عن ماكيندر، فإن هناك أحداثا أخرى تجعلنا أقل وثوقا من مجمل آراء ماكيندر والمحاولات النظرية والتطبيقات الاستراتيجية التي دارت وتدور حولها، فهناك تساؤلات عديدة يجب أن نطرحها نجمت عن تطور الأحداث منذ 1943، ومنذ الخمسينيات التي أنشئت فيها أحلاف الغرب العسكرية حول الهرتلاند، ومن أهم هذه التساؤلات ما يلي: (1)
ما هو دور الصين في الصراعات العالمية بعد تحولها إلى قوة يسارية كبرى، هل نستعيد آراء جيمس جريف عن إمكاناتها العالمية في التحكم في الهرتلاند الآسيوي؟ (2)
ما هو مصير الأحلاف الغربية نتيجة لانسحاب فرنسا ونشأة السوق الأوروبية وانضمام بريطانيا والدانمرك وغيرهما، هل يؤدي هذا إلى تكوين قوة ثالثة في العالم الشمالي وتغير وحدة شمال الأطلنطي عبر المحيط المتوسط؟ (3)
ما هو مصير الأحلاف الغربية نتيجة فشل حملة فيتنام وانفصال بنجلاديش؟ (4)
ما هي القوى التي تعمل في أكثر مناطق حلقة الفيافي والصحارى حساسية وخطورة ونعني بها منطقة الشرق الأوسط؟ ما هي النتائج التي يمكن أن تنتهي إليها صراعات الشرق الأوسط المتعددة على المستوى العربي، والمستوى العربي الإسرائيلي، والمستوى الأمريكي السوفيتي، والمستوى الأوروبي الغربي، والمستوى العالمي؟ (5)
ما هي نتائج ظهور القوميات الفتية الجديدة في جنوب آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية؟
صفحة غير معروفة