ولكن هل تحول هذه التعويذة دون قول كلمتنا فيه؟ لا، وما دمنا لم نقف بعد على حقيقة الجمال ولم نعلم إذا كان موجودا في نفس الناظر أم في نفس المنظور، فالمجال أمامنا واسع؛ ولذلك قال الأولون: لولا اختلاف النظر ما نفقت السلعات.
ما هذه أول مرة أتجاسر فيها وأدخل قبة العهد وقدس الأقداس، ففي «على المحك» و«مجددون ومجترون» و«دمقس وأرجوان» كلام عن شاعر الأرز، وإني لأخشى أن أكرر ما قلت حين أتحدث عن هذا الجزء من ديوان شاعرنا الكبير شبلي بك ملاط، فالملاط مثل لبنان في الأقطار الشقيقة أمثل تمثيل، فكان كما قال الفرزدق في المرحومين جدوده: «برزوا كأنهم الجبال المثل»، إن شبلي نموذج لبناني قح، ففي عتوه وشموخه مثال صادق للجبل الأشم، وكأنه قد أحس ذلك في أعماق نفسه فقال:
أنا فلذة صخرية مقطوعة
من ذلك الجبل الأشم الراقي
أنا جذع لبنان القديم فما ذوى
ورقي ولا لوت الشدائد ساقي
أشهد أنك لست تقول معي - إن رأيته والنفس خضرا - إنه في الثمانين ربيعا.
وفي مكان آخر، بعدما حمد فخامة الرئيس وأثنى عليه، راح يطرح الصوت ويعرض رمحه هاتفا:
قل للألى شادوا المطار بخلدة
أنا قبلهم بالأرز كان مطاري
صفحة غير معروفة