وأما قوله: وغن قالوا نعم، فقد خرفوا الإجماع، فلأن عنده أن الجوهر في الحقيقة هو الذي لا ينقسم بإجماع وما لا ينقسم بإجماع فمن وصفه بأنه مقدور على قسمه فقد خرق الإجماع أي أبطله، والله أعلم.
مسألة: وأما قوله إن المسألة محال فوجه استحالتها فقد بيناه في الباب الثاني من هذا الكتاب.
وأما قوله: إن الله لا يوصف بالقدرة على المحال ما لا يمكن في العقل كزنه ليس بشيء والله تعالى كل مقدور له، فهو ممكن كونه في العقل إلا أخبرنا سبحانه أنه لا يكون، فإن استحالة كون إنما اكتسابا لا ضرورة، فهو في الضرورة شيء لو لم يرد السمع باستحالته، فلهذا جاز أن يوصف بالقدرة على كل ممكن في العقل لأن العقل هو الذي به عرفنا أنه قادر سبحانه وبه عرفنا استحالة كون ما لا يكون فلا يستقيم في العقل أن يوصف بالقدرة على ما لا يمكن كونه في العقل، والله أعلم وبه التوفيق.
مسألة: وأول ما نبتدئ به من الكشف في هذه المسألة الجوهرية، أنا نشهد الله وملائكته على هذا المنازع لنا، ليس نعلم ونتحقق أن قول القائل هل يقدر الله أن يقسم، معناه أن يفرق. فإن قال لا، فقد كابر عقله وكفاه ذلك انقطاعا. وإن قال بلى، قلنا أليس معنى التفريق إبانة شيء بمعنى الانفصال؟ فإذا قال بلى قلنا فذلك الشيء أليس يجب أن يكون مجتمعا مؤتلفا لا محلة؟ فلا بدله من نعم وإلا حجد صورة العقل. فحينئذ تقول له: فقد صح أن معنى يقسم لا يقتضي إلا تفريق مجتمع، ومعلوم أن أقل المجتمع اثنان فصاعدا، فإذا قال نعم قلنا أليس الجوهر لفظه لفظ الواحد، فلا بدله من نعم، فإذا أقر بذلك، قلنا فالجوهر مؤتلف أو غير مؤتلف؟ فإن قال إنه مؤتلف، قلنا: هو مؤتلف إلى نفسه أم إلى غيره [48]؟ فإن قال إلى نفسه ليست غيره وليست هي هو.
صفحة ٦٣